الحسينيات بين الواقع والطموح

حوار أجرته مجلة الولاء الصادرة عن جمعية الرسالة الإسلامية، بمناسبة محرم الحرام 1430هـ .

العدد 22

1/ هل الحسينيات تؤدي دورها الصحيح وتفي بغرضها المطلوب؟

لكي نجيب على هذا التساؤل بشكل دقيق، نحتاج إلى تحديد أهم الأدوار التي ينبغي أن تؤديها الحسينيات في الواقع، وعلى أساس ذلك التحديد، يمكننا قياس ما إذا كانت قد أدّت دورها المنشود أم لا.

gggوالحسينية بما أنها المكان المخصّص لإحياء أمر أهل البيت سلام الله عليهم، فينبغي أن نراقب أداءها من هذه الجهة وما مقدار الإحياء المطلوب، والإحياء هو كما عرّفه الإمام الصادق (ع): في الإجابة عن سائل سأله عن ماهية إحياء أمر أهل البيت، قال: (أن تعلموا الناس محاسن كلامنا) أي بث علوم أهل البيت (ع) وتوجيهاتهم ورسالتهم للبشرية، وكيف ينظرون للعالم وللمشكلات المعاصرة والحاضرة في المجتمع، فإذا عرف الناس ذلك الكلام، فإنهم يتبعونهم، ومن هو متبع لهم سوف يجسّد كلامهم في واقع حياته.

تأسيساً على ما تقدّم، نرى أننا بحاجة إلى المزيد من الوعي بحقيقة رسالة الحسينيات، ومعرفة ماهية الإحياء الذي حدده أهل البيت (ع) وعدم إغفال جانب الاقتداء، بعد ذلك يمكن أن تقدّم الحسينيات رسالة أفضل للمجتمع، وتنتقل إلى أداء أفضل مما هي عليه.

نعم هي تحقق فوائد للمجتمع، ولكن الدور المطلوب أكثر طموحاً مما هو عليه الواقع بكثير.

2/ كيف يمكن الاستفادة من الجماهير الغفيرة في محرم بنهوض الحسينيات؟

النهوض بالحسينيات يحتاج إلى أن تكون الإدارة ذات إدراك برسالة الحسينيات وما ينبغي أن تؤديه للمجتمع، فالناس مرتبطون فعلياً بالحسينيات، وهو ارتباط عقيدي من الصعب أن يتزلزل، فأفضل طريقة للنهوض بالحسينيات، هي أن تنهض همم الإدارات وأن تمتلك وعياً رسالياً، ليجسدوا ذلك على الواقع، فيتم اختيار الخطيب على هذا الأساس، ويتم العمل على هذا الأساس..

فالناس يقولون للإدارات نحن هنا، فيبقى السؤال، ما أنتم فاعلون؟

3/ ما هو الدور التربوي والإعلامي للحسينيات في المجتمع؟

الكثير من الجهات التي لا تنتمي للتشيّع بمختلف مشاربهم، ينظرون للحسينيات على أنها من أهم المكاسب الشيعية في مجال التأثير في المجتمع، وهم يحسدوننا على هذه النعمة الكبرى، وكل يعبّر عن هذا الشعور بطريقته، والأمر الذي يهمنا هو أننا نمتلك منابر إعلامية عظيمة وهي مؤثرة بسبب ارتباط الناس العقيدي بها، فلها الدور الأبرز في صياغة شخصية الإنسان والتوجيه الديني، وإيصال الفكرة الدينية للمجتمع.

4/ ما هو دور الحسينيات في بناء وتخريج الكوادر الفاعلة؟

عندما نتكلم عن كادر فاعل في الأمة، فإننا نعني به ذلك الشخص الذي تتكوّن لديه قدرة إدارية وحسن تصرّف وتصدّي للأمور، وكل ذلك يكون نابعاً من الشعور بالمسؤولية، فإذا قامت الحسينيات عبر المنبر الحسيني ببث روح المسؤولية في الأمة، يمكن أن تخرج الحسينيات الطاقات والكوادر الفاعلة من أجل الدين والأمة.

5/ كيف يكون دور الحسينيات في توحيد الأمة؟

لقد قالتها الزهراء سلام الله عليها: (طاعتنا نظاماً للملّة، وإمامتنا أماناً من الفرقة)، بما أن الحسينيات هي التي تحيي أمر أهل البيت (ع)، فهي تجسد قيمهم وتوجيهاتهم، وعندما نكون من المنتمين للإمامة فإن الحسينيات هي محل سلوكنا وساحة فاعليتنا، والقلوب التي تؤمن بأهل البيت تتمحور حولهم، ووتوحد بطاعتهم، فحب أهل البيت (ع) يجمع القلوب، هذه رسالة مهمة ينبغي ان تكون حاضرة أمامنا في الحسينيات وغير الحسينيات، فلا ينبغي النزاع والتناحر والتوتّر، فكل يعمل وفق ما يؤمن به، والكل يعذر الكل ويحترم الكل، ويتمنى التوفيق للكل.

والتوحد في إطار الولاية هو بداية لإنفتاح وتوحد في القضايا المشتركة مع الآخرين.

6/ دور الحسينيات أمام التحديات "العولمة – الفضائيات – الفساد الأخلاقي – الفتنة الطائفية؟

الحسينيات هي من أهم المنابر التي يمكنها أن تكون في صف المواجهة ضد الفساد والإعلام وكافة المشكلات الاجتماعية والفكرية، خصوصاً مع وجود الفضائيات، حيث سينتقل تأثير الحسينية من حدودها الاجتماعي الضيّق، إلى التأثير الواسع للملايين من المشاهدين.

7/ كيف يمكن تطوير وتنشيط وتفعيل الحسينيات للمستقبل؟

يمكننا أن نجعل الحسينيات ضمن الرهانات المستقبلية في التوجيه وبناء الشخصية ومواجهة الانحرافات، ويتم ذلك إذا نظرنا للحسينيات على أنها مؤسسات، المؤسسة يمكنها أن تنمو وتواكب التحديات المختلفة، ولأن الواقع يتقدم نحو بناء مؤسسات مدنية ودينية وثقافية قوية لتحافظ على وجودها ولكي تؤدي دوراً أكثر فاعلية، مع المحافظة على الإستمرار، فإن نظرتنا ينبغي أن تتجانس مع هذا التوجه، وهذا من مصاديق (وتعاونوا على البر والتقوى) ومن مصاديق (يد الله مع الجماعة) ومن مصاديق (الله الله في نظم أمركم).

8/ هل لديك اقتراحات لتطوير دور الحسينية في المجتمع؟

يمكن التطوير عبر عدّة محاور هي كالتالي:

أـ المحور الإداري الذي ينبغي أن ينتهج منهج المحاسبة وفقاً للإنجازات التي تحققها كل إدارة، لكي يكون هذا محفزاً لتقديم خدمات وأداء دور متقن في الشأن الإداري. وبمعنى آخر الإنتقال من دور التصدي الإداري إلى التطوير الإدراي.

ب ـ المحور الموضوعي، الذي يختص بالمادة العلمية والثقافية التي تقدّم للجمهور، فالاعتناء بها بالتعاون مع الخطيب، يمكنه أن يساهم في إعطاء المجتمع ما يفتقده وما يحتاجه.

ج ـ المحور السلوكي، وهو الذي يختص بسلوك الجمهور في أداء الشعائر وفي حضور الحسينيات، كالإلتزام بآداب المكان وقدسيته، والإلتزام بحسن العشرة مع الناس، والنظام في كل التصرفات، لكي تعطي الأجواء انطباعاً حسناً للتربية الحسينية أمام الناس كافة.

من مؤلفاتنا