البصائر تنشر حوارا حول المذهب القيمي في التشريع مع المرجع المدرسي، بمشاركة السيد الموسوي

m09مجلة البصائر الدراساتية تنشر الحوار الذي قدّمه السيد محمود الموسوي وأعده مع مجموعة من العلماء، والذي جرى مع سماحة المرجع الديني آية الله العظمى المجدد السيد محمد تقي المدرسي (دام ظله).. والذ عرضته قناة أهل البيت (ع) في وقت سابق.

المذهب القيمي في التشريع وأبعاد تطوير مناهج الاستنباط

حوار مع سماحة المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي - القسم الاول

تقديم

يروق للبعض اعتبار البنية الحالية لمناهج الاستنباط في أصول الفقه الإمامي على أنها نتاج مدرسة العلامة الوحيد البهبهاني؛ تلك المدرسة التي كانت نتيجة لما يُقارب القرنين من الحوار الساخن بين الأصولية والأخبارية، والتي كانت محصلتها على يد البهبهاني تفعيل الاجتهاد على أساس ثلاثية: العلم والظن والشك، مع إعادة الاعتبار لقدرة العقل على فهم النصوص، وتأسيس الأصول العملية، إضافة إلى ترتيب مصادر الاستنباط مبتدئة من القرآن الكريم. وتتضح ملامح هذه المدرسة بصورة جلية في «فرائد» الشيخ الأنصاري على المستوى الأصولي، و«جواهر» العلامة النجفي على المستوى الفقهي. وعلى الرغم من التوسع في المباحث الأصولية والفقهيه خلال القرنين السابقين؛ منذ عصر الشيخ الأنصاري وإلى اليوم، وخصوصاً في القرن الأخير على يد مدرسة النجف الأشرف، إلَّا أن الإطار العام لهذه البحوث التوسعية ظل يدور في المحاور العامة لمدرسة العلامة البهبهاني.

لكن المتغيرات التي واجهها الفقه الشيعي مطلع القرن العشرين أبان الثورة الدستورية في إيران، ومن ثمّ في سبعينياته مع قيام أول دولة حديثة تستند إلى الفقه الشيعي في إدارتها، هذه المتغيرات أوصلت مرتكزات مدرسة البهبهاني إلى طريق مسدود أو بعبارة أخرى، وجدت مدرسة البهبهاني نفسها أنها قد استنفدت مرتكزاتها الأساسية أصوليًّا وفقهيًّا أمام هذه التحوّلات العميقة؛ فلم تعدّ الأصول العملية حلًّا لحالات فقدان النص، كما لم تعدّ النصوص الجزئية قادرة على معالجة المتغيّرات من غير وصلها بأصولها المقاصدية وغاياتها الأساسية. هذا؛ ناهيك عن ضرورات تطوير آلية فهم النصوص الدينية في مباحث الألفاظ.

وقد التفت أكثر من فقيه ومفكر إمامي لعمق هذا التحدي ومستواه، وبدأت دعوات عديدة لتطوير مناهج الاجتهاد بما يتناسب وواقع المتغيّرات اليوم، وفعليًّا طُرحت العديد من المحاولات؛ بعضها كان لا يزال يحاول التطوير من خلال مرتكزات مدرسة البهبهاني نفسها، وآخرون حاولوا البحث عن مرتكزات كلامية ومعرفية جديدة لمناهج استنباط تتناسب مع التطور الكلامي والمعرفي الذي حصل في الفكر الإمامي.

سماحة المرجع المدرّسي ومنذ ثلاثة عقود وهو يبذل جهوداً مركّزة لمشروع تطوير عملية الاستنباط الفقهي، وقد كانت بدايتها بسلسلة دروس ألقيت على طلبة حوزة الإمام القائم (عجل الله فرجه الشريف) العلمية عام 1980م دارت حول «التمدّن الإسلامي»، تناول فيها الأسس الكلامية، والخلفيات المعرفية لإمكانيات التطوير الأصولي وآفاقه، ثم تلا ذلك ما عرف لاحقاً بموسوعة «التشريع الإسلامي؛ مناهجه ومقاصده»، حيث بدأ سماحته بإعادة النظر في الأدوات التقليدية لعملية الاستنباط (مدرسة البهبهاني) في محاولة لإعادة ترتيب بنيتها الداخلية، وتحديد موضع كل أداة أصولية، بالإضافة إلى إعادة النظر في بعض حدود حجيّة بعض تلك الأدوات. إلَّا أن المسألة لم تقتصر عند هذا الحدّ، بل راح سماحة السيد المرجع إلى مسعى دمج الجدل الأصولي الإسلامي الإمامي بعموم الجدل الإنساني المعاصر في قضايا فلسفة الأخلاق والقانون، اللتين تعدّان «البنية التحتية» لأيّ تحول حضاري، ولأيّ نظام اجتماعي؛ فعلى أساس فلسفة الأخلاق تُحدّد سياسات الدولة، ومن خلال فلسفة القانون تُقنن مسارات القيم الأخلاقية على أرض الواقع.

وهنا توصّل سماحة المرجع المدرسي إلى ما أسماه بـ«المذهب القيمي في التشريع»، وهو الذي يبني عملية الاستنباط الفقهي على أساس قيم الشريعة؛ إلَّا أن هذه القيم ليست كمقاصد الشاطبي وآلياته، بل هي هرمية جديدة لمنظومة القيم الإسلامية التي تمثّل خلفية الفقيه المشرِّع. وفي الوقت نفسه؛ فإنها ليست مجرد قيم نظرية بل قيم تتّصل بواقع المجتمع وتحولاته، وهنا فإن سماحة السيد المرجع أدخل بحث «فقه الواقع» أو «فقه الأولويات» ضمن مباحث علم الأصول، ليس بصورته التقليدية كما في مباحث الأهم والمهم، والتزاحم، بل ضمن رؤية علمية اجتماعية عميقة في فقه الأولويات. بعبارة: فإن المرجع المدرّسي يحاول في مشروعه «التشريع الإسلامي» الخروج بأسس أصولية جديدة لعملية الاستنباط تتجاوز انسدادات «مدرسة البهبهاني»، وفي الوقت نفسه تستمد أصولها وبنيتها الأساسية من الكتاب والسنة والعقل.

والحوار الذي بين أيدينا مع سماحة السيد المرجع المدرسي -دام ظلُّه- يمثّل محاولةً لاستجلاء بعض معالم هذه المدرسة الأصولية الجديدة، قام بها جملة من فضلاء الحوزة العلمية في حوار موسَّع حول هذه المسيرة؛ مبتدئة بهموم التطوير الأصولي وعقباته، ومنعطفة بعد ذلك نحو بعض تفاصيل «معالم المذهب القيمي في التشريع»؛ كعلاقة القيم بعضها ببعض، وتراتبها فيما بينها، وآلية تحديد الأَوْلى فيها على أرض الواقع، ولم يخلُ الحوار من التطرق لواقع المؤسسة الدينية، وموقع الفقيه ونخب الخبراء في تجسيد القيم على أرض الواقع.

هذا كله في القسم الأول من الحوار؛ أما القسم الثاني فسيتناول الحديث عن المصادر الأساسية في عملية الاستنباط، ورؤية المرجع المدرّسي فيها، ابتداءً بالقرآن الكريم؛ وبنية القيم فيه، وموقعه الحساس في الاستنباط الفقهي، ثم مروراً على السنة المطهّرة؛ والحديث عن أقسامها وأبعاد حجيتها، وكيفية التفريق بين الأصول منها عن الفروع، وأخيراً عن العقل وعلاقته بالدين، ودوره في عملية الاستنباط.

شارك في الحوار كلٌ من:

الشيخ زكريا داوود:

عالم دين، باحث في الشأن الإسلامي، عضو الهيئة الاستشارية في مجلة البصائر الدراساتية، نشر له في عدة مجلات وصحف العديد من البحوث والدراسات الفكرية، من أعماله المنشورة: تأملات في الحديث عند السنة والشيعة.

السيد محمود الموسوي:

عالم دين، باحث في الشأن الإسلامي، مدير ممثلية المرجع المدرسي في البحرين، عضو هيئة التحرير في مجلة البصائر، نشر له العديد من البحوث والدراسات الفكرية، من أعماله المنشورة: العولمة والمجتمع.. التحديات الجديدة وبرنامج المهام.

الشيخ حبيب الجمري:

عالم دين، كاتب، أديب وشاعر، مدير عام جمعية النبأ الإسلامية، نشر له العديد من الأبحاث والمقالات في المجلات والصحف اليومية البحرينية، له ديوان مطبوع بعنوان: الرحيل إلى كربلاء.

الشيخ حمزة اللامي:

عالم دين، كاتب وباحث إسلامي، مندوب مجلة البصائر في بغداد، ناشط اجتماعي ومشارك في المنتديات الثقافية والفكرية في العراق، من أعماله المنشورة: خارطة الطريق الرسالي.

آفاق التطوير الفقهي وعقباته

السيد محمود الموسوي:

«من لم يطرق أبواب المستقبل بحزم اقتحم المستقبل رحابه بقوة، والمجتمع الذي لا يطوّر وسائل حياته فإنه يحكم على نفسه بالهلاك، ولا يعني التطوير تقليد الآخرين بل اتِّباع نهجٍ وسطيّ يحافظ به على قيمه ويجعلها محور تطوير للوسائل، ولم تنسخ الشرائع الإلهية في أصولها بل في بعض التفاصيل لحكمة الحاجة إلى التغيير، والإسلام رسالة الله المهيمنة على سائر الشرائع بما فيها من قيم ومن نظام تطوير في سبيل تحقيقها. وهكذا التطوير في أحكام الدين يكون قائماً على أسس ثابتة، هي منظومة التعليم المثلى المتوفرة في كتاب الله المجيد وفي محكمات السنة الشريفة»[1].

سماحة السيد؛ بهذه الكلمات تحدثتم عن مسألة «التطوير بين العلم والدين»، حبذا لو تعطونا فكرة عامة عن تصوركم للمسألة، لتكون منطلقاً لحوارنا معكم.

سماحة السيد المرجع:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيد الخلق أجمعين وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.. وبعد.

السلام عليكم ورحمة الله.. والسلام على الإخوة المؤمنين ورحمة الله وبركاته..

سبق وأن بيَّنا أن لربنا -سبحانه وتعالى- على عباده حجتين: العقول والرسل. وبالرغم من أن هاتين الحجتين هما شعاعان ينبعثان من مشكاة واحدة وشعبتان من نور واحد، فإن لكل واحد منهما مسؤولية قد يختص بها. فإذا كان الوحي يحدّد لنا القيم والحِكَم والأحكام بصورة أساسية، فإن العقل يقوم باكتشاف الحياة ومعرفة الحقائق، بالإضافة إلى أنّه أيضاً يساعدنا في معرفة الحقائق الكبرى؛ أي ما يرتبط بالمعارف الإلهية. إذا كان الأمر كذلك، فإن التطوير سيكون على محور الوحي وعلى قاعدة العقل. إذ إن العقل هو الذي يكشف لنا ضرورة التطوير، لماذا؟ لأنه يكشف لنا أنّ الموضوع قد تغيّر. كما لو أن الحاضر في وطنه سافر إلى خارج الوطن، فإن حكمه يتغيّر، فقد كان عليه أن يتم صلاته وهو في وطنه، أما وقد سافر، فعليه أن يقصر صلاته، وإن كان صائماً يفطر. فمع تغيّر الموضوع يتغيّر الحكم. كذلك العقل إذا اكتشف بأن هذا الموضوع حرجي أو ضَرَري، أو أن هذا الموضوع ليس موضوعاً لهذا الحكم، فإن الحكم يتبع الموضوع بتحديد الوحي، ولكن الموضوع الذي ينطبق عليه الحكم يحدده العقل من خلال العلم والخبرة.. وغيرهما.

من هنا فإن مقولة «التطوير بين الدين والعلم» يمكنها أيضاً أن تكون بعنوان «التطوير بين الوحي والعقل». إذ إن العقل بما أنه يقوم بتحديد الموضوعات، ولأن الأحكام تتغير مع تغيّر الموضوعات، فإنّ العقل يقوم بدور أساسي في معرفة ضرورات التطوير. من هنا فإن مساحة التطوير تتم في الوسائل والأدوات التي لم ينصّ الشرع على قدسيتها أو بيَّن الشرع حكمها، ولكن لو كانت هناك أولوية وأهمية للحكم تفوق قدسية أو أهمية أو حكم الوسيلة، ففي مثل هذه الحالات يكون التطوير من نصيب الموضوع. مثلاً حينما أرى مريضاً في حالة صعبة وبالإمكان أن أوصله إلى المستشفى إما بسيارة سريعة أو بأخرى بطيئة، ولكنني أعرف أن لو استخدمت السيارة البطيئة يمكن أن يكون في ذلك ضرر على صحة المريض، فالعقل في هذه الحالة يقول لي: بما أن واجبك الشرعي هو إنقاذ حياة هذا الإنسان، ولأن الشرع المقدّس يقول: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ..»[2]،. ويقول أيضاً: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً﴾[3]، إلى آخر ما هنالك من الأدلة الشرعية التي تدلّ على قدسية الحياة، فعليك أن تستخدم السيارة السريعة، ولا يجوز لك أن تستخدم السيارة البطيئة، ولو كانت هذه السيارة هي السيارة التي تعودت عليها، وتعرف قيادتها جيداً، وهي سيارة والدك مثلاً وكرامة لوالدك، ولكن هذه أمور ثانوية. الأساس هو إنقاذ حياة هذا الإنسان.

وكذلك لو كنت أستطيع الدفاع عن بلدي بأسلحة بدائية، ولكنني أعرف أن لو استخدمت هذه الأسلحة، كالسيف والرمح والخنجر والترس والمغرفة وما أشبه، فسوف أنهزم في الحرب. فهل يجوز لي أن أستخدم تلك الأسلحة أو عليَّ أن أطوّر؟ لأن ربنا سبحانه وتعالى يقول لي: ﴿وَأَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ وَمِن رّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوّ اللهِ وَعَدُوّكُمْ﴾[4].

والسؤال الذي يُثار هنا، وفي مثل هذه الحالات: هل العقل هنا مُشرِّع؟ الجواب: كَلَّا. العقل ليس مُشرِّعاً وإنما يحدِّدُ الموضوع، يعني أن الشرع في الحقيقة يحكم بما بَيَّنَ العقلُ موضوعَهُ وليس حكمَهُ.

القضية إذن في مسألة «التطوير بين العقل والوحي»، أن الوحي يحدّد الأحكام والعقل يحدّد الموضوعات، والتطوير يكون -في الحقيقة- بأن نطبّق أحكام الشرع على الموضوعات المتطوّرة والمتغيّرة حسب تغيراتها وتطوراتها.

الشيخ حمزة اللامي:

سماحة السيد أنتم دعوتم إلى التطوير في مناهج الاستنباط، وتناولتم هذا البحث في كتابكم «التشريع الإسلامي» منذ بداية التسعينات، ما ضرورة التطوير وما نظام التطوير المقترح لديكم؟

سماحة السيد المرجع:

في الحقيقة، المطّلع على هذا الكتاب[5] وكتبي الأخرى التي تتناول هذا الموضوع يعرف أن ضرورة التطوير هي ضرورة الحياة، وضرورة لتطبيق أحكام الدين، وقد بيّنت سابقاً أن الأوامر والأحكام الدينية يجب أن تطبّق، خصوصاً ما عرفنا من الشرع أنه ضرورة، ولا يمكن التنازل عنها. وبتعبير آخر ما يسميه البعض بأمور الحسبة، فنحن نعرف أن المحافظة على الحياة، وعلى بيضة الإسلام -أيّ الإسلام ككل- وعلى الأمة، والكعبة، والمشاهد المقدّسة، والمساجد، والصلوات.. وغيرها من الأمور التي تمثل ضرورة من الضرورات، إذا توقفت المحافظة على كل ذلك على شيء ما، علينا أن نحقق ذلك الشيء باعتبار أن مقدمة الواجب واجبة، وحينما يقول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿وَأَعِدّواْ لَهُمْ﴾ فماذا تعني هذه الكلمة، ﴿مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ﴾ بمعنى أن كل ألوان القوة سواء كانت قوة عسكرية، مالية، اقتصادية، صناعية، سياسية، اجتماعية، تدريبية، لوجستية، أي نوع من أنواع القوة لا بد أن نعدّها؛ لأن الله سبحانه وتعالى حينما قال: ﴿وَأَعِدّواْ لَهُمْ مّا اسْتَطَعْتُمْ مّن قُوّةٍ﴾، وتركيب هذا الكلام يدل على ضرورة الوصول إلى كل قوة ممكنة يمكننا أن نصل إليها.

إذن ضرورة التطوير تأتي من ضرورة تطبيق أحكام الشرع[6]، باعتبار أن كثيراً من أحكام الشرع لا يمكن تطبيقها إلَّا بمقدّمات، وهذه المقدّمات سوف تكتسب شرعيتها ووجوبها من وجوب ذيها، أي ذي المقدمات التي أوجبها الرَّبّ سبحانه وتعالى، حينما يأمرك الرَّبّ -سبحانه وتعالى- بالحج: ﴿وَللهِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنّ اللهَ غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ يجب[7]، فيجب عليك أن تفتش عن أية وسيلة توصلك إلى الحج، وحينما يأمرك بالجهاد: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَجٍ مّلّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ فَأَقِيمُواْ الصّلاَةَ وَآتُواْ الزّكَاةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾[8]، عليك أن تفتش عن أية وسيلة تستطيع أن تحقق الجهاد بها، وحينما يأمرك بالدعوة إلى الله: ﴿ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنّ رَبّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾[9]، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبإقامة العدل ويقول: ﴿وَأَقْسِطُوَاْ إِنّ اللهَ يُحِبّ الْمُقْسِطِينَ﴾[10]، ﴿يَا أَيّهَآ الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ للهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتّقْوَى وَاتّقُواْ اللهَ إِنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[11]، أو يأمرك بأن تكون قوّاماً بالقسط، وقوّاماً لله وشاهداً بالحق. فإن هذه أوامر إلهية لا يمكن أن نتهاون في تطبيقها، فإذا احتاجت هذه الأوامر وتطبيقها إلى مجموعة وسائل جديدة متطورة فلا بد أن نقتنيها. فهي وسيلة إلى ذلك الحكم، فالخلاصة إنّ ضرورة التطوير تنبع من ضرورة تطبيق أحكام الشرع المقدّس، تلك الأحكام التي جاءت مطلقة وغير مقيَّدة بظرف أو بآخر، مما جاء في تعبير الفقهاء «مما عرفنا من الشرع ضرورة تطبيقها بأي شكل من الأشكال» أي إن الشرع يريدها بأي شكل من الأشكال.

وأما بالنسبة إلى منهج التطوير، فهذا بحث طويل، إلَّا أن خلاصته أن منهج التطوير الأساسي هو في الحقيقة أن نتبع العقل[12]، نحدّد الأولويات الشرعية، بالطرق التي بيّنتُها في كتاب التشريع الإسلامي الجزء الثالث[13]، وبإيجاد آلية للتطوير، وآلية التطوير لا بد أن يشرف عليها الفقهاء والخبراء، الفقهاء بما أوتوا من علم الدين، والخبراء بما أوتوا من علم الدنيا أو علم الحياة. الخبير يحدّد الموضوع والفقيه يحدّد الحكم، هذا ليس في الأمور الكلية فقط وإنما حتى في الجزئيات. ولذلك أنا أدعو دائماً في مثل هذه الأمور إلى تشكيل مجالس الشورى التي تضم إلى جانب الفقهاء في الدين، خبراءَ في الحياة، وفقهاء في القانون وغيرهم؛ بحيث يكون الحكم الذي يخرج من خلال هذا المجلس حكماً شرعيًّا، لنضرب مثلاً معاصراً: ففي إحدى السنوات، تحدثت وسائل الإعلام عن إمكانية انتشار مرض أنفلونزا الخنازير(H1N1) انتشاراً واسعاً في أيام الحج (في العام 2010)، مما أثار سؤالاً شرعيًّا في أروقة العلماء: هل الحج واجبٌ والحال هذه أم يسقط عن الوجوب بسبب الضرر البالغ باعتبار «لا ضرر ولا ضرار»، أم ماذا؟

هذا حكم شرعي إلَّا أنه يعتمد في جانب منه على الفقيه، فمن جهته عليه أن يحدّد أهمية الحج ومدى مستوى الضرر الذي يسقط به الحج، لأن الحج بطبعه فيه ضرر بنسبة معينة شئنا أم أبينا، لكن الضرر هل يبلغ حدًّا يمكن للفقيه أن يسقط الحج عن المكلفين أم لا. ومن جهة أخرى نحتاج إلى الخبراء في الصحة، فهم يحدّدون مدى انتشار المرض، وهل يمكننا أن نعتصم دون المرض بسبب الكمّامات أو بسبب مجموعة أمور وقائية أو ما أشبه. الخبير يحدّد الموضوع والفقيه يحدّد الحكم. فمن خلال الحوار فيما بينهم سوف تُنْتَج الفتوى أو الكلمة الأخيرة التي تخرج من خلال هذا المجلس، وهي بالطبع كلمة الفقيه المستندة، بالإضافة إلى الوعي الفقهي، إلى المشورة الصحية وما أشبه.

التطوير الفقهي وهموم المؤسسة الدينية

الشيخ حبيب الجمري:

سماحة السيد، دعواتكم للتطوير دعواتٌ سابقة، وليست جديدة، ومع ذلك هنالك فريق من المتشرعين المشتغلين بالعلم الديني والمتصدين للتشريع يلاحظون على هذا الخطاب، بمثل: «أن كتاب الله يدعو لسنن لا تبديل لها ولا تحويل»، وبالتالي كأنهم يميلون إلى عدم التقدم نحو مثل هذه الفكرة، فكرة التطوير خوفاً من الابتداع أو خوفاً من الانفلات، فكيف ترون ذلك؟

سماحة السيد المرجع:

طبيعي حينما نقول: «التطوير بين العلم والدين»؛ فإن معنى «التطوير» هنا لا يكون تطويراً من دون حدود، فالدين يحدّد التطوير، وسبق أن قلت كلمة: «الهدف يحدّد الوسيلة»، نحن هدفنا مرضاة الله -سبحانه وتعالى-، ولا بد أن تكون مرضاة الله دائماً نصب أعيننا ونحن نقوم بعملية التغيير والتطوير. فالأحكام الشرعية لا تتغيّر، إنما التطوير هو في الوسائل وفي الموضوعات. الحكم يتغيّر بتغيّر موضوعه وليس بتغيّره هو، الأحكام الشرعية أحكام ثابتة والحديث المعروف: «.. حَلَالُ مُحَمَّدٍ حَلَالٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحَرَامُهُ حَرَامٌ أَبَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ..»[14]. والقرآن الكريم كذلك، كتابٌ أبديٌ للبشرية ولا نستطيع أن نغيّر حرفاً واحداً منه، ومن هذه الزاوية، ولأن هناك دعوات من قِبل البعض للتحلّل من الأحكام الشرعية، فما يلزم توضيحه هنا -في الحقيقة- هو أن التطوير الذي ندعو إليه ليس تطويراً بلا حدود، إن صح التعبير، وقد بينَّا ضوابط للتطوير، وأهم هذه الضوابط إشراف الفقهاء على عملية التطوير حتى لا يمسّ التطوير حكماً ثابتاً في الشريعة، وهذا الشيء قضية مهمة.

آلية التطوير التي نتبعها تجري ضمن سلسلة من الإجراءات تبدأ بالخبراء في كل مجال، بحيث يوصون بالتطوير ويبيِّنون أسبابه، ومن ثمّ الحاكم الشرعي، وبعد النظر في كل الحيثيات، يعطي الفتوى بذلك.

الشيخ زكريا داوود:

سماحة السيد، الواقع إن كل موجة تطوير تحدث سواء في داخل الاتجاهات الدينية أم خارجها ترافقها موجة قوية جدًّا من رفض التطوير، والوقوف أمام هذه الموجة في المعاهد الدينية بشكل ملحوظ، وقد حدثت فعلاً. فلو قلنا: إن هنالك مرحلة من التطوير مرّت بشكل جيد، ولكن لا يزال هناك أمور نحتاج فيها إلى مزيد من التطوير. مثلاً التطوير في معرفة الموضوع الخارجي، فلا يزال البعض إلى الآن يريد أن يعرف أول الشهر وآخر الشهر بالعين المجردة، بينما هنالك أساليب تكنولوجية حديثة ممكن أن تقدم لنا معرفة يقينية مباشرة بالموضوع.

لماذا لا زالت المعاهد الدينية ترفض مثل هذه الدعوات، الدعوة في تطوير المعرفة بالموضوع أو الدعوة في تطوير الفهوم، ففهومنا لا زالت مرتبطة بفهوم العلماء في المعاهد الدينية، التي لا تزال مرتبطة هي الأخرى بمفهوم السلف. وكذلك المناهج الدينية، تلك المناهج التي تدرّس في المائتين سنة لا زالت هي تدرّس إلى الآن.

هذا في الواقع يدعونا إلى التساؤل: لماذا إلى الآن لم تستطع المعاهد الدينية أن تتجاوز هذه المرحلة وتنسجم مع العصر الراهن الذي تطورت فيه المعرفة وأساليبها؟

سماحة السيد المرجع:

أولاً: لا بد أن نُبشِّر الأمة بأن تطوير المناهج بدأ وبصورة جيدة في كثير من المعاهد الدينية[15] والحوزات العلمية وربما في القريب العاجل نشهد نتائج هذا التطوير.

ثانياً: كان من أسباب توقف البعض عن الإستجابة للتطوير هو العاصفة الشديدة التي مرت بنا من الجهة الغربية، حيث إن هذه العاصفة كادت تقتلع كل الأشجار من الجذور وتمحو تراثنا بصورة كاملة[16]، فالبعض من أبناء الأمة ارتأوا في مواجهة هذه العاصفة أن يصدوها أولاً، ومن ثمّ يفكرون في التطوير، وفعلاً تم صدّها بصورة أو بأخرى، كما أن الموجة قد انحسرت نسبيًّا، لأنها إنما جاءتنا بعد أن تقدَّمت أوروبا، لكن حينما وقعت حربان عالميتان، ثم تلتها أحداث كثيرة في العالم، كالحروب الإقليمية، والأزمات الحادة، انكشفت السوءات في أوروبا، مما حدا بالمسلمين الذين كانوا في البدء قد تأثروا بالتقدم في الغرب، أن يعيدوا حساباتهم، وكانت الفرصة في هذه اللحظة للكثير من الدعاة إلى الله، والمفكرين، والعلماء المتصدين للساحة الدينية أن يطوروا أساليبهم، لأنهم وجدوا أن هذه العاصفة قد مرّت. وذلك أشبه ما يكون بالإنسان الوحيد الذي يحمل في يده شيئاً ثميناً ممزوجاً بحجارة، ويريد أن يميّز بينهما، لكنه يخشى إن فتح يده أن تزيحها العاصفة الجديدة كلها، فهو يمسك يده بقوة حتى إذا مرت العاصفة، بدأ يُميّز.

ثالثاً: الانفتاح على تطور المعرفة والحياة البشرية من حيث الأحكام الشرعية أمور متعددة لا تنحصر فيما توقّفتم عنده، أي فهم خصوصيات الخطاب.. مثل المحكمات التي تندرج فيها المتغيّرات، وتقدير الموضوعات العامة المتغيّرة، وتحديد الأولويات لمعالجة التزاحم تبعاً لتغير الظروف الموضوعية.

أما ما أشرتم له، فنذكِّر بملاحظة هي: معروف أنه من القوانين الشرعية ما طابعه الثبات حتى في التفاصيل التي بيَّنها الشارع المقدس، وتنضوي هنا العبادات وأحكام الأحوال الشخصية كقضايا الزواج والإرث، وقانون العقوبات ووسائل الإثبات فيها. والتبدلات في هذا النوع مؤطرة ظاهراً بالطابع الشخصي والمحدود، ويعالجها الفقيه بما يعرف بالعناوين الثانوية.

ومن القوانين ما تسميه الروايات بـ(الموسّعات)، وينضوي تحتها ما يرتبط بالولاية العامة والسياسات والاقتصاد وما أشبه ذلك. والفارق بين النوعين بالنسبة للفقيه هو السعة والضيق التابعان لتفصيل الأدلة في الأول، وسوق التشريعات في الثاني على نحو الأحكام العامة والكليّات. والصنفان مستنبطان من الكتاب والسنة بلا فرق من حيث المصدر مطلقاً.

أي إنه من حيث الاستنباط والفهم لا فرق؛ فإنه يتبع خصوصيات الدليل.. أي إن توصيفه أنه من الموسعات أو المفصّل أو طبيعة الحكم المستنبط يتبع الدليل ذاته لا افتراض الإنسان الذي يقوم بالفهم والاستنباط أو توقعاته.

لذا المثال الذي ذكرتموه (رؤية الهلال) لا يتعلق فهمه بالانفتاح، نعم ثمة حوار فقهي فيه وفي مواضيع أخرى تكون بعض الآراء قريبة من هذا العصر أو ذاك، لكن المعول على مفاد الدليل ذاته. ففي مسألة الهلال، يرى مشهور الفقهاء الإماميين أن الحديث المعروف: «صم للرؤية وافطر للرؤية»[17] يقصد الرؤية المباشرة بالعين المجردة كقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّىَ يَتَبَيّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمّ أَتِمّواْ الصّيَامَ إِلَى الّليْلِ﴾[18]، أيّ بصورة واضحة، وللناس أي للعرف العام لا البعض، لذا استشكلوا بالرؤية عن طريق الأجهزة التي تُقرِّب البعيد، وثمة رأي يذهب إلى أن ثبوت الهلال بخروج القمر عن المحاق بعد أن يتخذ الحجم المناسب مع الرؤية فتكون الأجهزة كاشفة عنه بل مجرد إمكانها أو أن الرؤية تعم العرفية وبالأجهزة... ومثل هذا اشتراط وحدة الأفق وعدمه، والمطهرية من الخبث بزوال النجاسة أو بالغَسْل، وموضوعات كثيرة من هذا القبيل إلَّا أن المعول على مفاد الأدلة كما يصل إليه الفقيه.

أما الشق المتعلق بالمعاهد والمراكز الدينية والحوزات، لا بد أن نعرف أن عملية التطوير عملية جدية ومعقدة تتطلَّب الدقة، لأنه يمكن للإنسان أن يفقد امتيازه ولا يكسب الانفتاح، فالتطوير الحكيم يتم بتروٍّ مدروس.

فليس من الصحيح أن نُقحم كل نظرية في الحوزة أو نتعامل معها على أنها مفتاح الحقيقة والمدنية، فكل نظرية بحاجة إلى زمن حتى تستقر علميًّا وتُعرف أبعادها وملائمتها من خلال التمحيص العلمي لها.

أما من يخالف التطوير بصورة عامة فأعتقد أنّ عدد هؤلاء قد تضاءل إلى درجة بعيدة جدًّا، وكما تعرفون أن حوزاتنا العلمية أخذت الآن بوسائل التطوير كثيراً، وكثير من الأبحاث الجديدة تعالج موضوعات جديدة ومعاصرة.

السيد محمود الموسوي:

سماحة السيد، ذكرتم فيما يتعلّق بعقبات التطوير، أن هنالك العديد من العقبات، من ضمنها ما عالجها القرآن الكريم بمسمى «مشكلة اتِّباع الآباء» إلَّا أن هناك مشكلة معاكسة بحاجة إلى معالجة. فهنالك من جهة؛ الخوف من التطوير، ومن جهة أخرى هنالك الخوف من الانبهار بالتطوير السريع وإرادة التقدم سريعاً كما يحصل الآن في حالة الانبهار بالحالة الغربية، فنرى أن الشخص يريد التطوير بصورة سريعة في مناهج البحث أو أحياناً يتعداها من الآليات إلى الأحكام، حتى يصل الحال بحيث يجعل الشخص مشدوداً إلى التطوير وليس خائفاً منه.

وهذا يقودنا إلى الكلام حول الابتداع أو الإبداع، والبدعة التي هي -بالنتيجة- محرمة في الإسلام، فكيف نوازن بين هذه وتلك، كيف نعالج هذه الحالة من الانبهار؟

سماحة السيد المرجع:

أولاً: فيما يتَّصل بالاتِّباع الأعمى والتقليد غير المدروس؛ فواضح أن القرآن الكريم قد عالج هذه الحالة، وبالتدبر في سورة الأنعام بشكل جِدِّي نجد كيف أن الله -سبحانه وتعالى- قد نهانا عن ذلك، كذلك فُصِّل القول في سورة الأعراف.

أما ما يتَّصل بالجانب الآخر، وهو جانب الانبهار بالحضارة الغربية، أيضاً فإن هذه مشكلة في التطوير، لماذا؟ لأن المسلمين مقتنعون بصورة راسخة بأن دينهم هو أفضل الأديان، متمسكون بهذا الدين، ومصادره المعرفية من القرآن الكريم وسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليه السلام)، وأقول بصراحة: لا يمكن للمسلمين أن يتخلوا عن دينهم، فالمسلمون وهم في بحبوحة الحضارة الغربية -إن صح التعبير- في البلاد الغربية كالولايات المتحدة وأوروبا، يزدادون تمسكاً بالدين، وذلك لما يجدونه من أزمات أخلاقية كبيرة، فكيف بالمسلمين في بلدانهم. بل وحتى الحكومات التي حاولت أن تفرض على المسلمين التخلّي عن الدين كما في التجربة العلمانية التركية في مشروع مصطفى أتاتورك، أو في التجربة الإيرانية ما قبل الثورة في عهد رضا خان، أو غيرهم في العراق، أو غير هذه البلاد، فإن هؤلاء رُفِضوا ولم يستطيعوا أن يقدّموا شيئاً للغرب، بل بالعكس من ذلك أساؤوا للغرب وللحضارة أكثر مما نفعوها. وبالتالي فإن الفئة المنبهرة فئة محدودة وقليلة.

على أي حال، فإن فئة من الحداثيين إذا كانوا في الحقيقة منبهرين، فإن انبهارهم بالغرب وطرحهم التطوير الجارف ليس تطويراً، وإنما هو تغيير كلّي لكل القيم والمبادئ ولكل التاريخ، والواقع أن هذا الطرح في الحقيقة يعتبر عقبة في طريق التطوير.

أما كيفية المعالجة مع هؤلاء فلا بد أن نفكر تفكيراً موضوعيًّا، وألَّا نتعامل بردّة فعل، فربنا سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيّهَآ الّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوّامِينَ للهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىَ أَلَّا تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتّقْوَىَ وَاتّقُواْ اللهَ إِنّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[19].

أيّ إذا تعاملنا مع مثل هذه الدعوات بردود أفعال نخسر، وإنما يجب أن نُقيِّم الموضوع تقييماً دقيقاً بعيداً عن دعوات الآخرين، ومن ثمّ نعمل بما يمليه علينا الشرع والعقل...

 

من مؤلفاتنا