لقاء مجلة الولاء مع السيد محمود الموسوي حول لإعلام الفضائي الحسيني

wer1لقاء مجلة الولاء في عددها لشهر محرم الحرام 1434هـ، مع سماحة السيد محمود الموسوي حول قضايا الإعلام الفضائي الحسيني:

1-  كيف تقرأون تطور المسيرة المبكرة للإعلام الفضائي الحسيني خلال الفترة الماضية؟

.

 لقد كانت آليات الإعلام الحسيني منحصرة في المنبر الحسيني الذي يستمع إليه عدد محدود من المتلقين، وهم الذين يقصدون الحسينيات بأشخاصهم، وقد تطور ذلك إلى عملية التسجيل الصوتي مما ساهم في توسيع رقعة الانتشار للصوت الحسني، ومن جهة أخرى كان للكتاب دور بارز في التبليغ للقيم الحسينية ونشر السيرة الكربلائية المقدسة، والكتاب بدوره محدود العدد حيث أن الكتاب لا يطبع في المحيط العربي والإسلامي إلا بمقدار ألف إلى ثلاثة آلاف نسخة في أحسن الحالات.

فلقد بقي الإعلام الحسيني بهذه الأدوات زمنا طويلاً حتى مع ظهور الإعلام المرئي والفضائي عبر القنوات التلفزيونية، فلم تكن مسيرة الإعلام الفضائي الحسيني مبكرة قياساً مع أنواع الإعلام الأخرى، وذلك بفعل الكبت والاحتكار من جهة الحكومات والأنظمة لأدوات الإعلام الفضائي، حتى أصبح الفضاء متاحاً لكل من لديه صوت يريد أن يبلغ له، فتخطى حصار الأنظمة عبر الفضاء، وبمبالغ مادية أقل كلفة من السابق، وقد احتل الإعلام الحسيني تحديداً ضمن الإعلام الشيعي العام، موقعاً واسعاً وتسنّم موقعاً بارزاً باعتباره القضية التي تحمل في طياتها الحرارة الدينية، والمحورية الإسلامية التي دارت حولها المفاهيم والقيم التي يؤسس لها الدين، فكانت الثورة الحسينية إحياء لكل ذلك، كما أنها قضية إنسانية تحتل مكانة كبيرة في الضمير الإسلامي بل والإنساني.

بعد هذه المسيرة التي التزمت السكة وحافظت على وجودها الفضائي بين العديد من الأصوات، فقد تخطى الإعلام الحسيني عقبته الأولى في إثبات الوجود والحضور كلون من ألوان العطاء والتبليغ، إلا أنه بحاجة إلى أن يكمل المسيرة في مجال التطوير والإبهار لكسب العقول والقلوب بشكل أكثر فاعلية. إننا نرى أن خطوة تحدي كسب العقول والقلوب بفاعلية هي الخطوة القادمة للإعلام الحسيني، والتي يحتاج لخوضها إلى أدوات مختلفة عن أدوات إثبات الوجود.

2-  هل استطاع هذا الإعلام الفضائي أن يواكب المستجدات ويكون بمستوى التحدي العالمي؟

 علينا أن نسأل أنفسنا أولاً ما هي رسالة عاشوراء، وما هي القضية الحسينية التي ينبغي أن تصل للعالم؟ ثم نسأل أنفسنا ما هي التحديات العالمية المعاصرة؟ ثم نربط السؤالين بما يمكن أن تسهم فيه القضية الحسينية على المستوى العالمي لتخوض ذلك التحدي الذي يتناسب مع رسالتها.

إن القضية الحسينية جاءت لإحياء الدين وإرساء معالمه في النفوس وتمكين قيمه في الواقع على كافة المستويات، فكانت القضية الحسينية قضية إحياء للدين، فهذا الهدف الذي من أجله بذلت الدماء واستمرت التضحيات، ومن جانب آخر نرى أن المشكلات العالمية المعاصرة متعددة في جانبها الاجتماعي وجانبها السياسي والفكري، ولكن ما يجمع ذلك هو الانحراف الفكري عن منهج الفطرة قبل أن يكون عن منهج الدين، ومنهج الدين جاء منسجماً مع فطرة الإنسان حيث خلق الله تعالى الإنسان على الفطرة السليمة التي شوهها الإنسان.  

فالرسالة التي يمكن أن تقدمها الفضية الحسينية للعالم من خلال الإعلام لتخوض التحدي على مستواه العالمي، هي رسالة إحياء القيم في النفوس كمقدمة لإعلاء راية القيم في الواقع، ضمن مشخصاتها المختلفة في جانبها السياسي في تفعيل قيم العدالة والمساواة، وقيم الحرية والكرامة. وفي جانبها الاجتماعي في إحياء الإنصاف وحسن السيرة والتعايش السلمي والتعاطي بالقسط وإحياء مفاهيم العطاء الخيري، وكذا في الجانب الفكري التبليغ لقيم السماء والمعرفة المؤسسة على هدى القرآن الكريم والعترة الطاهرة، ليهتدي الناس إلى سواء السبيل.

يمكننا أن نلاحظ العطاء على المستوى الفردي في جانب إحياء القيم في النفوس، وظهوره في الإعلام الفضائي الحسيني، ومع حاجته إلى التطوير والتركيز، إلا أننا نفتقر إلى جانب إحياء القيم في الواقع، فهو بحاجة إلى التظهير والتداول ليعي كيف كان الإمام الحسين (ع) يريد لشكل الدولة ومعالمها، وكيف كان يريد أن يكون النظام الاجتماعي، وكيف ينبغي أن يكون النهج الفكري.

3-  كيف نطور مستوي الخطاب في الإعلام الفضائي الحسيني؟

الخطاب الفضائي هو خطاب جماهيري حسب التصنيف المتعارف عليه في الأوساط العلمية، وأي خطاب جماهيري لابد أن يراعي الفئات المستهدفة لذلك الخطاب، فعندما نتحدث عن العطاء عبر تأليف الكتاب، فإننا يمكن أن نختار مستوى معين نوجه إليه الخطاب، والكتاب سوف يختاره من يطلبه ويبحث عنه، ولكننا في الإعلام الفضائي أمام خطاب يصل إلى الملايين من الناس المختلفين في مستوياتهم الإدراكية، ومتنوعين في ثقافاتهم، لذلك فإن التطوير في الإعلام الحسيني الفضائي ينبغي أن ينحوا منحى المخاطبة لكل الفئات المتنوعة في المجتمعات كافة، ولا يكتفي بمخاطبة العقلية الشيعية المؤمنة بالإمام الحسين (ع)، بل يتخطاها إلى مخاطبة العقلية التي تؤمن بالإمام الحسين (ع) كأحد الرجال الصالحين دون أن تتخذه إماماً، والعقلية التي تؤمن بالديانات المختلفة، والعقليات الحداثية المتنوعة في طرائق تفكيرها.

فمن ذلك المنطلق يمكن التطوير في المستويات الشكلية التي تخاطب كافة الأذواق وتجتذب الأنظار المتنوعة عبر الأعمال الفنية المتعدّدة كالتمثيل والمسرح والأنشودة والأفلام الوثائقية، بأسلوب عرضي متميّز وأخّاذ. والتطوير المهم أيضاً في جانب محاكاة كافة المستويات والثقافات من نواحي متعددة كالسياسة والحقوق والاجتماع والاقتصاد والفكر والعقيدة وغيرها، وفي هذا الجانب ينبغي المحافظة على نوع الخطاب ونوع الأدب المستخدم لإيصال الفكرة، فالأسلوب الوعظي الذي يؤثر في نفوس المريدين يختلف عن الأسلوب العلمي الذي يخاطب العقول ويحاور الأفكار المتباينة.

بهذا الجهد يمكن للخطاب الحسيني في الإعلام الفضائي أن يتقدم ويتميّز ويؤثّر في أوسع رقعة ممكنة، فإن الإمام الحسين نور، والنور يمكنه أن يضيء لكافة البشر، نسأل الله تعالى أن يوفقنا بالإمام الحسين (ع) وأن ينتشل البشرية من عذاباتها بنور الإمام الحسين (ع).

من مؤلفاتنا