المرأة الزينبية..

111 المرأة الزينبية.. التوظيف الأخطر بقطعٍ نقطعُ بأن نسبة المؤمن لأحد شخوص آل محمد، هو فخر كبير، كأن نقول: شاب حسيني كدلالة على كونه محبا للحسين أو عاملا في سبيل رفعة اسم الحسين، ونقول رجل علوي نسبة لولائه الشديد للإمام علي عليه السلام، ومرأة زينبية كدلالة على عفتها أو صمودها..الخ. .

ذلك مما لا شك فيه شئ جميل ومطلوب، لكن أن تتفذلك الشعارات وتنسب الاتجاهات لآل البيت، فذلك هو التوظيف الخطير في مجمل التوظيفات الخاطئة، وأظنه التوظيف الأخطر لكونه يغلف الصحيح بالخطأ وبكلمة ناعمه، يغلف الاشتباه بالمظهر الحق.

أكبر التوظيفات الرائجة هي "المرأة الزينبية" هذه التسمية بحد ذاته-وكما مر-شئ جيد، لكن سبر أغوار ذلك التوظيف يحتاج لوقفات من المهتمين وبشكل أخص من المؤثرين في الساحة لكبح جماح بعض التصرفات التي تحمل في مطاويها الكثير من السلبية وإن كانت منبثقة من نوايا حسنة.

مؤخراً، وفي إحدى المناطق المحافظة، تم عرض مسرحية نسائية أمام حضور رجالي، وعلل البعض أن تلك النسوة يحملن روحا "زينبية" تريد أن توصل معاني سامية كما فعلت السيدة زينب عليها السلام أمام يزيد وقبلا أمام جيش عمر بن سعد.

هذا الكلام ينطلي على القراءة القشرية للموضوع، ففي العمق ترى أن خيط المسباح صار ضعيفا، وإذا انقطع، فلن نملك تلقف حباته معا وبسرعة، وما قصة يعوق ويغوث ونسرا إلا شاهد على ذلك.. فهذه الأسماء الواردة في القرآن الكريم إنما هي أسماء لصالحين قبل أن تكون أسماءً لأصنام، فجاء الشيطان بعد موتهم، ووسوس لقومهم بأن تشيد تماثيلهم (لا لكي يعبدوا) إنما لكي يراهم القوم وخصوصا ممن لم يكونوا في زمنهم، فيكونوا كأمثالهم في الصلاح والتقوى، وهكذا حدث ما أراد إبليس وحينما مر جيل من الزمن، جاءت الوسوسة الثانية بأن أجدادكم إنما كانوا يعبدونهم لأنهم مصدر خير وبركة وصلاح.. فأشرك البعض حينما رأوا أن هذه الوسوسة تكاد تكون صحيحة مع ما يشاهدونه من عمر مديد لهذه التماثيل وتبجيل أكيد من آبائهم وأجدادهم...

نقول: إنما هو تسلسل خطير، يتكرر في كل الأخطاء البشرية، لا يفعل المكروه إلا الموغل في المباح، ولا يفعل الحرام إلا الموغل في المكروه، وإن انكسر حاجز وقام على ذلك الكسر التراضي، فإنه سينكسر الثاني والثالث، وما "كليبات" الرواديد عن ذلك ببعيد.

ــــــــــــــ

· كاتب من البحرين

من مؤلفاتنا