الحسين راية الوحدة

1111كما الأشجار متفاوتة في الأشكال والأحجام والألوان، كذلك الناس فإنهم قد خلقوا متفاوتين في الألوان والجنسيات، وقد قال تعالى في بيان ذلك: (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً لتعارفوا). .

أليس من العدالة أن يكون البشر بشكل متساو من الناحية المادية والمعنوية، بدل أن يكون هناك تمايز بين أبناء أمة واحدة.

هناك حكمة من الإختلاف في الأحجام والألوان في الأشجار وهي اختلاف الثمار كي يختار الإنسان منها ماهو مفيد له حسب حاجته البدنية.

كذلك هناك حكمة في جعل الله الناس شعوباً وقبائل، ألا وهو تكامل البعض بالبعض والتكاتف مع بضهم البعض، فالوزير والطبيب والمهندس هم بحاجة إلى من يعملون في سائر المهن من نجار وحداد وغير ذلك من مهن.

فإن الله تبارك وتعالى قد جعل الناس مختلفين كي يتعارفوا ويشكلوا أمة متحدة، فالتعارف يعني، المعرفة في البدء ثم الإعتراف بحقوق الآخرين.

لكن كيف يمكن للأمة أن تتحد، أليست الأمة بحاجة إلى راية يتحدون تحتها؟

أليست هذه الراية متمثلة في أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، حيث يدخل الجميع تحت هذه الراية المرفرفة في أفق المعالي، ترى الشيخ الكبير كما أنك ترى الطفل الصغير، قد تهدمت بينهم فجوة العمر، ترى الغني كما أنك ترى الفقير قد هدم الإمام الحسين (عليه السلام) بينهم الحاجز المادي ترى المسئول لا يمتاز عن الرعية في مواكب العزاء.

ألا ترى أن الوزراء والأمراء يرتبون أحذية زوار الإمام الحسين (عليه السلام) ويدلّكون أرجلهم وحين يسألون عن ذلك يجيبون بأن الإمام الحسين (عليه السلام) هو الذي يدفعهم إلى ذلك، فهم يفتخرون بعملهم ويتمنون المزيد.

ألم تسمع بعظماء المراجع يركضون في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام) حفاة وحاسري الرأس في أيام عاشوراء من كل عام وهم يلطمون على الرؤوس والصدور.

كل ذلك لأن الإمام الحسين (عليه السلام) راية الوحدة وأنه مصباح الهدى لكل من أراد أن يستضيء بدرب الهدى، وسفينة النجاة لكل من أراد أن يصل إلى شاطيء السلام.

ـــــ

* عالم دين من العراق

من مؤلفاتنا