عاشوراء لنا ..

shmohadiسماحة الشيخ محمد حسن آل إبراهيم

   لقد فرض يوم عاشوراء نفسه على الأمة الإسلامية قاطبة فالموالون لأهل البيت (ع) يحيونه بالحزن والموعظة والبكاء، وأما غيرهم فلم يجدوا محيصاً من برمجة هذا اليوم بما يبرر مفاهيمهم ومسالكهم العقدية.

.

 

   يحاولون جاهدين جر هذا الموسم بما يحمل من زخم تارة تغيير نوع النشاط فيه ليقلبوا حزنه فرحاً مبررين بذلك جفاءهم لما جرى على عترة الرسول ص ، وتارة بمحاولاة محاكاة الحراك الشيعي على استحياء بإظهار بعض التعاطف الذي صارت تفرضه عليهم بعض شرائحهم والذين يجدون في عاشوراءنا ما لايجدونه في عاشورائهم ذي الطابع الأموي.

   غير أن ما تدثه عاشوراء فوق ما نتصوره أو ما نخطط له ، إذ أن الحسين ع وقضيته ميثاق ضمنه الله وأكده فهو ثار الله وهذا يعني أن الله سبحانه هو الذي يتكفل بإظهار مظلوميته وردها أيضاً، وما الزخم الإعلامي العالمي الذي حظيت به عاشوراء إلا مظهر من مظاهر هذا الميثاق الرباني.

    ويتجلى ذلك في نقاط عدة من أهمها وأكبرها هو هذا الكيان الشيعي الموالي والذي جاء فيه الحديث ( يخلق الله له شيعة ....الخ) يحيون أمره ويرفعون اسمه وينادون بثاره بشتى انواع النداءات خصوصاً في هذا الموسم الرباني الكبير حيث ينقلب العالم الشيعي في هذا الموسم وتتفجر الطاقات في جميع المجالات : الكتابة – التمثيل – الرسم – الخطابة – الإنشاد ... إلخ ، وكذلك يتم استغلال جميع أنواع الموصلات المعرفية ووسائلها من قنوات فضائية وانترنت وإذاعة وغيرها ، ويكون ذلك بشكل لاتكاد تلمحه في أي فعالية دينية في العالم.

   كما تتهيء جميع شرائح المجتمع لاستلهام دروس كربلاء وتلقي الموعظة والثقافة والوعي ويكفي أن نلاحظ  معدل الإستماع للخطيب الحسيني في اليوم الواحد للفرد لا يقل عن 3 مجالس حسينية أي ثلاث ساعات تقريباً فإذا ضربتها في 10 أيام تجد أنه استمع إلى 30 مجلس حسيني فإذا ضربت هذا الرقم في مجموع الشيعة  في العالم يصبح الرقم بالتالي أكبر، فعاشوراء إذاً ورشة عمل مكثفة لصياغة الوعي ونظم النسق الوجداني للمجتمع واستجلاء الهوية الثقافية له ومن جهة أخرى فهي أيضاً تعمل كدينمو لتتفرع نتائجها في مستقبل الفرد والمجتمع والأمة.

   إن هذه الفعاليات والأنشطة لا تقتصر على الشباب فقط بل هي شاملة لجميع المراحل العمرية نساءاً ورجالاً، ينصهرون في ورشة عمل عاشوراء، وحتى الأطفال الرضّع تجد لهم دوراً فيها وهذا ما يعطيها الفرادة والتميز.

   وكنتيجة طبيعة لهذا الإنصهار في بوتقة الحسين عليه السلام تندغم القلوب وتتوحد على همٍ واحد ومشاعر واحدة فهي تنفعل بكاءً وحماساً وعزاءً ليتحول ذلك كله لفعل ثقافي وجداني حسيني متميز.

shmohad

 

 

من مؤلفاتنا