شهر رمضان .. نموذج للبرنامج المثالي

بسم الله الرحمن الرحيم
(كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون. أيماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام اخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوّع خيراً فهو خيراً له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون. شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون).183-185 البقرة. .
الصيام
في شهر رمضان هو موسم عبادي وبرنامج روحي يمارسه الإنسان المؤمن ، وهو فريضة واجبة
كتبها الله تعالى على المسلمين ، فشهر رمضان عبارة عن برنامج متكامل ، ويمكننا أن
نجعله مثالاً لأي برنامج يمكن أن نؤديه ، ومن هذه الآيات وما يكملها من القرآن
الكريم ، نحاول أن نستجلي خصائص هذا البرنامج ، ونستخرج القواعد التي يمكن أن تسهم
في إنجاح أي برنامج نقدم عليه.

التهيئة النفسية

إن الأدب الالهي رفيع جداً إلى درجة انه لا يكلّف العباد بمهام وواجبات بالطريقة
العسكرية الجافة ، فهو ينظر للحالة النفسية ، ويهيئ الأرضية المناسبة لكي تستقبل
الحكم بطواعية ورضا ، ولكي يجد الحكم القابلية ، لذلك فإن تكليف الصيام الذي قد
يعتقد الإنسان أنه تكليف صعب حيث يكسر الروتين الذي تعود عليه من تناول الوجبات
العديدة طوال اليوم ليلاً ونهاراً ويمارس سائر الملذات التي تعود عليها.

لذلك نجد التهيئة والمراعاة تكمن في عدة أمور جاءت في الآيات المباركة ، هي:

1/ الاخبار بأن هذا التكليف ليس جديداً ، وليس الإنسان المسلم هو الوحيد الذي كلف
به ، فهناك معه غيره من قبل أن تنزل رسالة الإسلام ، في قوله تعالى (كما كتب على
الذين من قبلكم) ، لكي لا يستوحش الإنسان ،ظناً منه أن هذا التكليف واقع عليه
فقط ، فعندما نكلّف إنساناً بأن يذهب إلى جزيرة ما مثلاً ، فإنه سيكون أمام تساؤلات
مهمة توجساً ومستوحشاً ، ولكن عندما نخبره بأن هذه الجزيرة يتراوح عليها الناس
مراراً ، فإن الوحشة ستنجلي ، وهذا بالضبط ما يسببه إخبار مستقبل تكليف الصيام في
نفسه ، حيث أنه كتب على أقوام آخرين.

2/ تصغير الأيام التي كتب عليه صيامها ، بحيث أن الإنسان يستطيع إحصاءها بسهولة ،
وهي صغيرة جداً نسبة للطاقة الهائلة الكامنة في الإنسان ، فقد قال عز وجل
(أياماً معدودات) ومعدودات تعني نستطيع إحصاءها ، حيث قال تعالى (لقد أحصاهم
وعدّهم عدّا)94/مريم.

وفي قصة يوسف يقول عز وجل : (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة). أي دراهم زهيدة.

3/ شمول هذا التكليف بقاعدة اليسر ونفي العسر والحرج ، حيث قال عز وجل (يريد الله
بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) ، حيث أن قاعدة اليسر شاملة لمن اراد الوصول إلى
التقوى عن أي طريق ، فكل عمل من سنخ التقوى أو يسير باتجاهها، قال تعالى : (ومن
يتق الله يجعل له من أمره يسراً)4/الطلاق . وقال عز وجل (فأما من أعطى واتقى
، وصدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى)7/الليل.

ولا شك أن الصيام يؤدي إلى التقوى لقوله تعالى (لعلكم تتقون) ، فهو مشمول
بهذه القاعدة ، وقد خصص في الآيات السابقة تأكيداً (يريد الله بكم اليسر)..

أما التيسير فإنه يأتي من خلال وضع الأحكام التفصيلية التي تراعي ذوي الحاجات
الخاصة و لذوي الأعذار و من هم في أوضاع صعبة يشق عليهم الصيام ، حيث قال تعالى : (فمن
كان منكم مريضاً أو على سفر فعدّة من أيام أخر) أي أنهم يستطيعون تعويض الأيام
التي كانوا في حالة حرج وعسر فيها بأيام يكونون فيها قادرين.

(وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) والذين يكون الصيام منتهى مقدرتهم
بحيث يشق عليهم ، فيعوضوا بدل ذلك بإطعام يقدمونه للمساكين.

وهنا ملاحظة : إن كثيراً من الناس يعتقد أن الأحكام الشرعية تصعّب أداء التكاليف ،
فينفر من تعلّمها ومعرفتها ، لكي لا يقع في المصاعب ، رغم أن العكس تماماً هو
الصحيح ، لأن الله تعالى جعل التيسير في الأحكام التفصيلية والثانوية التي تراعي
أحوال الإنسان ، فتوجه إليه الحكم الذي يناسبه ويكون قادراً عليه ، لذا ينبغي أن
نشيع ثقافة الأحكام الشرعية للتكاليف التي أوجبها الله تعالى علينا ، لكي لا نقع
فريسة الجهل فيترتب علينا ما هو أكبر ، أو أن نلجأ لتصعيب التكاليف من تلقاء أنفسنا
، وبالتالي يسبب ذلك النفور عن الأحكام وعن الدين.

برنامج شهر رمضان

من أجل اكتشاف قواعد للبرنامج المثالي الناجح

السعي للضمان

التكليف الذي كتبه الله تعالى على عباده المؤمنين هو صيام شهر رمضان ، وغايته
الوصول إلى التقوى خلال هذه المدّة ، حيث قال : (لعلكم تتقون) ، ولكن لا يصل
كل من يجتاح هذه المدة في الصيام إلى التقوى ، لأن لكل برنامج أصول ، ف (لعل) تبيّن
أنه ليس كل من يعيش شهر رمضان المبارك سيستفيد منه بالضرورة ، لأن (لعل) تفيد
التوقع وتختص بالممكن الذي لا وثوق بحصوله،

إذاً ينبغي استنفاذ الوسع ، ومعرفة الطرق المؤدّية إلى ذلك.

والرسول (ص) يقول في خطبته عن شهر رمضان : (فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا
الشهر العظيم).

لأننا لا نمتلك الضمان ، فنحتاج إلى العزم والإهتمام ، ومعرفة الطريق الواضح الذي
يوصلنا للمطلوب ،

فهناك فرق بين الحقيقة والواقع .. فلعل البعض يؤدي عملاً ويعتقد أنه يقوم بالعمل
الصحيح ، فاعتقاده هذا ليس بالضرورة هو الواقع ، فقد يتجه في اتجاه معاكس ، يقول
تعالى : (قل هل ننَبئُكم بالأخسرين أعمالاً. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) 103/104 الكهف.

تحديد الهدف

لكل عمل وبرنامج تريد أن تؤديه لابد من تحديد الهدف والغاية منه ، لكي تتجه كل
فرعيات وأعمال البرنامج نحوه ، يقول تعالى : (واقصد في مشيك)، وفي الصيام
وبرنامج شهر رمضان الغاية هي (التقوى)، كما في قوله تعالى : (لعلكم تتقون) ،
والتقوى هي مخافة الله والورع عن محارمه.

فلكي يؤدى البرنامج بنجاح لابد أن يحدد الهدف بشكل واضح .

· قصة شركة IBM

(توماس واطسون) كان في الأربعين من عمره عندما أصبح مديراً لشركة صغيرة تخصصت في
صنع مشرحات اللحم وساعات ضبط الدوام ، وآلت تثقيب البطاقات ، وهو هو بطموحه أدرك
إمكانات الآلة في استيعاب المعلومات ، وخزنها..

وتماشياً مع تطلعاته فقد أطلق على شركته الصغيرة اسم الشركة العالمية للآلات
التجارية والتي اختصرت إلى IBM وعندما أصبحت تلك الشركة واحدة من أكبر الشركات
العملاقة ، سئل (توماس واطسون) منذ متى توقعت لشركتك الصغيرة أن تصبح بهذا الحجم ؟
أجاب : (منذ البداية). تعلم كيف تنجح ، ج1، ص84.

الإيمان بالهدف

لن يستطيع الإنسان أن يؤدي عملاً متقناً وناجحاً من دون أن يؤمن به ويعتقد به ،
نستفيد هذه الحقيقة من التكليف الذي يوجهه رب العالمين للإنسان ، فالصوم هنا تكليف
من رب العالمين للذين آمنوا به ، فالنداء يقول (يا أيها الذين آمنوا) ثم
يقول لهم (كتب عليكم الصيام لعلكم تتقون) ، فالإنسان غير المؤمن لا يمكن أن
يلتزم بتكليف واجب ، هو لا يعتقد ببه ، وكيف تقول له كن متقياً وهو لا يؤمن بالتقوى
أصلاً..

فالإيمان بالأهداف والوسائل عامل مهم في تحقيق الإنجازات.

· الرسول الأكرم استطاع أن يحقق أكبر انجاز على وجه الأرض ، حيث أنه غير العالم
بأكمله ، فتلك الجهود التي بذلها (ص) ما كانت لتكون لولا التزامه وإيمانه العميق
بما يريد أن يفعل ، لذلك عندما أغروه وساوموه على أن يترك ما يصبوا إليه ، قال :
(والله ، لو وضعوا الشمس في يميني ، والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما
تركته حتى يظهره الله ، أو أموت دونه ..). كل ذلك لأنه كان مؤمناً بما كان يريد.

التحفيز لهذا الهدف (المبررات)

لا يكفي أن يحدد الإنسان الهدف من البرنامج الذي يريد أن يؤديه ، بل لابد ان يجد ما
يدفعه لتحقيقه وانجازه بأفضل صورة ، وعامل التحفيز عن طريق الترغيب ووصف الهدف
وفائدته للإنسان نفسه تحقق هذه المهمة.

ولذلك نجد أن القرآن الكريم يشتمل على كثير من الترغيبات ، أو الترهيبات وهي بمثابة
الحافز الذي يجعل الإنسان يلتزم بأمر ما.

و لكي ينطلق الإنسان في عمله عن قناعة ورضا ، وفي شهر رمضان تنبؤنا الآيات عن ذلك ،
قال تعالى : (فمن تطوّع خيراً فهو خيراً له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)
، التطوع أن يؤدي الإنسان ما عليه من تكليف برضا وطواعية وهي الحالة الأفضل لإنجاز
الطاعات ، بل والأعمال المختلفة .

والصوم خير لنا إن كنا نعلم ، هنا يكمن التحفيز ، فالآية تقول إن في الصوم خير لنا
، فينبغي أن نكتشف هذا الخير ونعلمه حتى يتكون الدافع فما هو ذلك الخير ؟

تخبرنا الآيات من سورة الأحزاب أن للصائمين والصائمات (أعدّ الله لهم مغفرة
وأجرأ عظيماً)، الأحزاب/35.

فإن المحفزات هو هذا الأجر العظيم الذي ينبغي أن نعلمه لأن فيه الخير الكثير ، حيث
يشتمل على بعدين :

الأول : غفران الذنوب الماضية ، وهي فرصة لا تعوّض لكي يبدأ الإنسان من جديد وكأنه
لم يفعل شيئاً ، والرسول (ص) يقول في خطبته عن شهر رمضان : ( فإن الشقي من حرم
غفران الله في هذا الشهر العظيم)، وهذه فرصة عظيمة لكي يستأنف الإنسان العمل ، فكم
من الناس من لم يرض عن أدائه العبادي ، ويرى تقصيره في الطاعات وأداء المسئوليات ،
مما يترتب عليها الآثار الجمة ، ففرصة المحو هذه فرصة ذهبية لتجديد الحياة ، وهي
دافع ومحفز كبير للانطلاق في تأدية الواجب الذي يضمن لنا هذا الأمر.

الثاني : الأجر العظيم ، وهو الثواب الذي يعطيه الله تعالى للإنسان في الآخرة عندما
يحقق ذلك الهدف ويجتاز ذلك البرنامج بنجاح .

الأجر غير المعدود في الأيام المعدودات

في الأيام المعدودات من شهر رمضان المبارك ، يحشد لنا ربنا عز وجل من الأجر ما هو
غير معدود ، إذ ليس بإمكان الإنسان أن يحصيه ، لأنه عبر عنه بالعظيم ، وعندما يعبر
الله تعالى عن شيء متصل به بالعظيم فهو أمر لا يمكن أن يصل إدراك الإنسان إليه ،
ومثل ذلك ما جاء في القصة التالية :

جاء رجل يسأل الإمام علي (ع) يريد أن يصف له أخلاق الرسول الأعظم (ص) ، فقال الإمام
علي (ع) كيف أصف لك خلق رسول الله ، والله يقول (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ،
وهو يقول عنها (وما متاع الدنيا إلا قليل) ، ويقول عن خلق الرسول (وإنك
لعلى خلق عظيم).

فالعلظيم الإلهي لا يمكن أن يبلغه علمنا وإدراكنا ..

وتتجسد هاتان الصفتان للصائم كدافع متسق مع المعطيات القرآنية ، في حديث عن الرضا
(ع) حيث قال :

(إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً مُوَكَّلِينَ بِالصَّائِمِينَ وَ الصَّائِمَاتِ
يَمْسَحُونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ وَ يُسْقِطُونَ عَنْهُمْ ذُنُوبَهُمْ وَ إِنَّ
لِلَّهِ مَلَائِكَةً قَدْ وَكَّلَهُمْ بِالدُّعَاءِ لِلصَّائِمِينَ وَ
الصَّائِمَاتِ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. (وسائل الشيعة
ج10 ، ص405).

التوقيت .. التناسب

برنامج الصوم ، محدد بوقت معين ، وبعدد للأيام ، هي شهر واحد تكون في رمضان وهو من
الشهور العربية ، حيث يقول عز وجل (أياماً معدودات) نفهم منها أن هناك تحديد
لعدد الأيام التي ينبغي أن يؤدّى فيها العمل، ويقول عز وجل (شهر رمضان الذي أنزل
فيه القرآن) ، ونفهم هنا أن هناك توقيتاً لتلك الأيام وهو شهر رمضان .

فالحالة المثلى أن يتم هذا الواجب في هذا العدد من الأيام في هذا الشهر الذي جعل
الله له فضائل خاصة وروحية متميزة، بأن أنزل فيه القرآن الكريم (أنزل فيه القرآن
هدى للناس) ، ففيه الأجواء التي تكون هدى للناس ، ولكن أي أناس أولئك ، ألوئك
هم المتقون حيث يقول تعالى عن القرآن : (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)
، وحيث أن التقوى هي الغاية من هذا البرنامج فشهر رمضان أنزل فيه الكتاب الذي هو
هدى للمتقين ، لتتناسب الأجواء مع المقصد.

وجعل فيه أيضاً ليلة القدر ، وهي خير من ألف شهر (ليلة القدر خير من ألف شهر) لأن
فيها مميزات (تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع
الفجر)، حيث أن هناك تناسباً مع المقصد وهو الوصول إلى بناء الشخصية المتقية ،
و التقوى تحتاج إلى اجواء تستقبل فيها الدعاء وتقبل فيها الأعمال بأضعافها ،
وهكذا..

وبكلمة نقول هناك مدة مناسبة في وقت مناسب، لأداء الهدف المناسب.

العمل و إكمال العمل

ونلاحظ أن كل إنسان مكلف صحيح وحاضر في هذا الشهر يجب عليه أن يبدء بالفعل بالصيام
و أن يجتاز المدة المقررة له في الوقت المعين ، وعندما لا يستطيع الإنسان أن يؤدي
بعض هذه الأيام في هذا الوقت ، فعليه أن يحافظ على العدد لأكمال البرنامج في وقت
آخر.

حيث يقول تعالى : (فمن شهد منكم الشهر فليصمه فمن كان مريضاً أو على سفر فعدّة
من أيام أخر)، أي إن تحققت المقدمات التمهيدية وغيرها ، وجاء الوقت المناسب
فعليه أن يبدأ بالعمل ، فقوله تعالى : (فليصمه) دلالة على أداء الفعل عملياً وليس
الاعتماد على الكلام .. ولا يكفي الإيمان بالهدف أو البرنامج من دون عمل ، يقول
تعالى : (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم) المائدة /9

فالصائمين والصائمات الذين أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً كما في الآية 35 من
سورة الأحزاب ، لابد أن يلازموا بين الإيمان بالشيء والعمل به كما في هذه الآية.

و لنتبين ملازمة الإيمان والعمل ننقل هذا الحديث الذي يعبر عن ذات الموضوع ، (لا
يقبل إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان). كنز العمّال ج1،خ59 .

ويقول عز وجل (ولتكملوا العدّة). أي لتتموا المدة المقررة ، فكثير من الناس
يبدءون برنامجاً ما ولكنهم لا يسعون لإتمامه والوصول إلى نهايته ، فلا يرون النتائج
المرجوة من أعمالهم ، فإذا أراد الإنسان أن ينجز مهماته بنجاح فعليه أن يؤدي العمل
حتى نهايته ثم يرى مقدار المنجز.

اختيار طريق آخر للوصول إلى الهدف

يقول تعالى (وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين).

البرنامج الرمضاني فيه الصيام والدعاء و قراءة القرآن وسائر الأعمال الصالحة ،
والصيام بعد أساسي ، لكن عندما لا يستطيع الإنسان أن يؤديه كأن يكون فيه مشقة عليه
، فإنه يلجأ إلى ألإطعام كعمل صالح بديل ليؤدي نفس المقصد ، باعتبار أن إطعام
المسكين الواحد يعدل صيام يوم واحد ، كما في قوله تعالى (أو كفّارةٌ طعامُ
مساكين أو عَدلُ ذلك صياماً) المائدة 95.

يمكن أن نستفيد من هذا الإجراء أنه عندما تواجهنا صعوبات في الطريق الموصل للهدف ،
فعلينا أن نبحث عن الطريق البديل من الخيارات المتوافرة الذي يدعم الهدف ذاته،
ويكون معادل له في التأثير.

النتائج والآثار

هل ينتهي الأمر عند إكمال العدة وإتمام العمل ؟

كلا .. فلابد من حصد النتائج ، فنرى ما هو الواجب تجاهها .

يقول تعالى بعد ذلك : (ولتكبروا الله على ما هداكم) ، والهداية هي الوصول
إلى حالة التقوى التي هي الغاية والمقصد من البرنامج الرمضاني، ويوضح أن الهداية هي
الوصول لحالة التقوى ما جاء في الآية المباركة من سورة الزُّمَر : (أو تقولَ لو
أنّ الله هداني لكنتُ من المتقين)57.

وتكبير الله هو معرفة شأنه في نفس الإنسان وكلما كبر شأن الله تعالى في نفسه كلما
تصاغر ما دونه ، فهذه علامة من علامات الهداية ، وأثر من آثارها.

فهنا تأتي خطو أخرى بعد إتمام البرنامج ، وهي مراجعة النتائج ، والتي سيعرف الإنسان
على ضوئها مقدار الفائدة.

فالواجب على الإنسان حينما يشعر بعروج روحه وتأثير البرنامج الرمضاني عليه ، أن
يقدّر الجهة التي منحته هذه النعمة ، فيتوجب عليه الشكر ، ألا بالشكر تزيد النعم ..
فيقول عز وجل في نهاية الآية : (ولعلكم تشكرون).

قواعد مستفادة لإنجاز البرنامج المثالي ، على ضوء البرنامج الرمضاني:

1/ تحديد الهدف من البرنامج.

2/ الإيمان والاقتناع بالهدف.

3/ إيجاد المحفزات والدوافع.

4/تحديد مدة تناسب إنجاز البرنامج.

5/اختيار الوقت المناسب للبدء بالبرنامج.

6/ البدء الفعلي بالعمل ، وإكمال المدة المقررة.

7/ البحث عن البديل المماثل الذي يؤدي نفس الهدف.

8/ تفقد مقدار النجاح عبر معرفة النتائج والآثار.

من مؤلفاتنا