الجواب

    بسم الله الرحمن الرحيم

   والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وآله الطاهرين

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

   كل الاحترام والتحيات لوجهات النظر العلمية، وإننا سنبيّن رأينا في الكلام المنقول وفي الأدعية اليومية لشهر رمضان المبارك، وسوف نبيّن رأينا الذي كنا قد أعددناه قبل شرح الأدعية في كتاب (القادم من العالم الآخر)، وذكرنا في هامش مقدمة الكتاب في الصفحة 11، أن لنا رسالة في اعتبارية هذه الأدعية أعرضنا عن ذكرها لعدم التشويش على هدف الكتاب، وكان ذلك في العام 1433هـ.

   وسوف نعرض مفاد الرسالة مع بعض التعديل حسب دعوى الوضع التي ذكرها بعض العلماء، وسنقسّم الحديث إلى ثلاثة محاور:

الأول: في دعوى وضع الأدعية.

الثاني: في مصادر الأدعية.

الثالث: في قرائن مقبولية الأدعية.

   وننبّه إلى أن المقصود بهذه الرسالة مع ما فيها من مباني عامة، هي الأدعية اليومية القصيرة لشهر رمضان، والتي بدأ أول دعاء فيها ب (اللهم اجعل صيامي فيه صيام الصائمين، وقيامين فيه قيام القائمين، ونبّهني فيه عن نومة الغافلين، هب لي جرمي فيه يا إله العالمين، واعف عني يا عافياً عن المجرمين).

المحور الأول: في دعوى وضع الأدعية

   من الواضح أن الادّعاء بأن هذا الدعاء أو ذاك موضوع من قِبل شخص ما، تحتاج إلى دليل يثبت الدعوى، وما لم يوجد الدليل فإن الدعوى تسقط ولا يبقى لها أثر.

   نعم، يمكن توصيف درجة اعتبار الأدعية كما يصنّف علماء الحديث والرجال الروايات إلى الصحيح والموثق والمعتبر والضعيف، وما إلى ذلك، وبذلك يكون التوصيف علمياً، ليبتني الموقف منها بعد ذلك وفقاً للمبنى الذي يعتمده علماء الحديث في مدى قبوله ودرجته بحسب المبنى المختار.

   ومن الثابت لدى علماء الحديث أن الحديث الموضوع بعد ثبوت وضعه لا يجوز روايته سواء في باب العقيدة أو الأحكام أو الفضائل والأدعية وما شابه، ولا تشمله بذلك قاعدة (من بلغه) التي قرّرها الكثير من العلماء في مقبولية أدلة السنن، ومفادها الروائي كما عن محمد بن مروان، قال: سمعت أبا عبد جعفر (ع)، يقول: مَنْ بَلَغَهُ ثَوَابٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عَمَلٍ، فَعَمِلَ ذَلِكَ الْعَمَلَ الْتِمَاسَ ذَلِكَ الثَّوَابِ أُوتِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ كَمَا بَلَغَه‏)1، لا تشمله، لأن الحديث الموضوع خارج عن دائرة البلوغ السليم للرواية لفقده احتمال الصحة من أساس.

   وأدعية أيام شهر رمضان المبارك منسوبة للنبي (صلى الله عليه وآله) بشكل مرسل، ومعلوم أن المراسيل من الروايات لها فوائد جمّة في فقه الحديث، ولذلك اتجه أكثر علماء الطائفة بقبول الكثير من المراسيل وفقاً لشروط واعتبارات هي عبارة عن قرائن ترفع درجة الرواية لمستوى القبول، فما بالك بالروايات التي لا تؤسس حكماً من جهة، والتي تشملها قاعدة (من بلغه) أو التسامح في أدلة السنن، من جهة أخرى.

   وسوف نبين في النقطة التالية دواعي مقبولية أدعية الأيام، مع حفظ الحق العلمي في عدم قبولها بحسب المباني التي تعتمد أساس السند وحسب أو لاعتبارات أخرى، إلا أننا نؤكد أن دعوى الوضع لا يمكن قبوله من أساس لافتقاره إلى الدليل.

   ويمكن الإشارة إلى أن ثبوت الوضع يتم عبر طرق، منها:

1_ التصريح من قبل الثقة والعدل مع علمه الحسّي، بأن هذا الحديث موضوع أو أن هذا الراوي قد وضعه.
2_ إقرار الراوي بالوضع.
3_ أن يكون الراوي من الكذابين الوضاعين، بحسب ما قرره بعض، بل قيل إن مجرد كون الراوي كذاباً لا يثبت أن كل ما رواه كذب، وهو الأقوى.
4_ ويمكن القول بأنه يمكن استنباط (الوضع) من جهة دراسة التوجّه العام في قصد المخالفة من قبل السلطات وأعوانهم من المؤرخين والمدوّنين، وهو ما يسمّى بالدافع (السياسي أو الديني أو المذهبي)، مع دراسة دلالة الحديث المعارضة للأصول.

وكل هذه الأمور مفقودة في رواية أدعية أيام شهر رمضان.

المحور الثاني: في مصادر الأدعية.

   إن أقدم مصدر وجدناه قد ذكر الأدعية اليومية لشهر رمضان هو الكتاب القيّم (إقبال الأعمال) للسيد علي بن موسى ابن طاووس، الذي عاش في القرن السابع الهجري، وقد ذكر الأدعية كاملة مقسّمة على الأيام دون أن ينسبها إلى أحد، واكتفى بذكر (ودعاء آخر في اليوم الأول) ثم يذكر الدعاء، وهكذا.

   والسيد ابن طاووس قد تخصّص في التأليف في الأدعية وألّف عدة كتب قيّمة، أصبحت مدار اهتمام الأعلام، "وأكثر تلك الكتب كانت عنده معتمدة صحيحة مرويّة، والبعض‏ الذي‏ وجده‏ ولم‏ يكن له طريق معتبر إليه اكتفى فيه بعموم الحديث فيمن بلغه ثواب على عمل، كما أشار إليه في أول كتاب فلاح السائل"2.

   فالسيد ابن طاووس له منهجية واضحة ودقيقة في قبول الروايات، حيث لا يتعدى ما يذكره في كتبه أحد أمرين:

1_ أن يكون ما يرويه معتبراً عنده بحسب الرواة أو القرائن بتفاصيلها التي ذكرها في كتابه فلاح السائل، وختمها بعبارة (فإنني ما أذكر إلا ما لي مخرج عنه)3.

2_ وكل ما لم يكن كذلك، فإنه رواه وفقاً لقاعدة من بلغه ثواب على عمل، فيكون عنده مقبولاً من هذه الجهة، وهذا يفيد أن كل ما ينقله في كتبه، حتى ما لم يذكر القائل، فهو منسوب إلى معصوم، وإلا خرج عن هذين الأمرين.

وقد ذكر العلامة المجلسي في البحار هذه الأدعية نقلاً عن الإقبال.

     وفي القرن التاسع الهجري روى أدعية الأيام لشهر رمضان، الشيخ الكفعمي في كتابه المختصّ بالأدعية والأعمال العبادية، (البلد الأمين والدرع الحصين‏)، كما ذكرها في كتابه الآخر، وهو (المصباح)،حيث قال: "ويستحب أن يدعو في أيام شهر رمضان بهذه الأدعية لكل يوم دعاء على حدة من أوله إلى آخره من كتاب الذخيرة. رَوَاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ ص‏..."4.

   فنسبها إلى كتاب الذخيرة الذي لا نعرفه، ونسب روايتها إلى النبي (ص) عن ابن عباس.

   والعلامة المجلسي ذكر هذه الأدعية مرة أخرى في كتابه زاد المعاد عن ابن عباس عن النبي (ص)، وذكر أن الكفعمي ذكر دعاء اليوم السابع والعشرين في اليوم التاسع والعشرين، وهذا يعني أنه أخذ الرواية من كتاب مختلف عن الاقبال الذي أخذه عنه الرواية من دون النسبة للنبي (ص).

   ومن الجدير بالذكر أن العلامة المجلسي قد صرّح في ختام الأدعية، بأنه لا يرى رواية أدعية الأيام معتبرة، مع العلم أنه ذكر في مقدمة زاد المعاد أنه سوف يذكر ما هو منقول "بأسانيد صحيحة ومعتبرة بحيث لا يحرم بركاتها عامة الناس"5. ولعل تفسير ذلك أنه لا يرى روايتها معتبرة، أي من جهة رواتها لا من جهة القرائن الأخرى، أو من جهة المتن، ولذلك أثبتها في زاد المعاد الذي لم يذكر فيه روايات كثيرة كان قد ذكرها في البحار.

   أما الكفعمي فيبيّن منهجيته في تدوين الروايات في كتابه البلد الأمين بقوله: (فهذا كتاب محتو على عوذ ودعوات وتسابيح وزيارات منقولة عن‏ سادات‏ القادات‏ وقادات السادات الغر الميامين آل طه ويس لا تمج ألفاظها الآذان ولا يبلي معانيها الزمان مأخوذة من كتب معتمد على صحتها مأمور بالتمسك بعروتها لا يغيرها اختلاف العصرين ولا كر الملوين وقد رسمت ما وضعته ووسمت ما جمعته بالبلد الأمين والدرع الحصين‏)6.

  ومن المصادر المتأخّرة في كتب الأدعية، فقد ذكرها المحقق القمي في كتاب (مفاتيح الجنان) نقلاً عن زاد المعاد، كما ذكرها السيد الشيرازي في كتاب الدعاء والزيارة، وبعض موسوعات الأدعية الحديثة، وكلها لا تتجاوز المصادر التي ذكرناها.

إشكال ورد

   ولعل الإشكال يرد باحتمال أخذ الأدعية من بعض كتب أهل السنة، لأنهم يروون كثيراً عن ابن عباس عن النبي (ص)، كما أن دعاء اليوم السابع والعشرين جاء فيه: (اللهم ارزقني فيه فضل ليلة القدر) ومن المعلوم أن الشيعة أغلبهم يحددونها بليالي 19 و21 و23، وليلة 27 موافقة لأهل السنة.

  نقول: إن الاحتمال وارد، إلا أنه لا يمكن القطع به، وسيتضح في المحور الثالث خلاف ذلك، وهنا نقاط حول هذا الإشكال:

1_ وجود الرواية في كتب أهل الخلاف لا يعني بالضرورة كذبها، كما هو حاصل من الروايات المشتركات الكثيرة بين كتبنا وكتبهم.

2_ بل إن بعض كتب أهل السنة قد حفظت بعض التراث الشيعي الذي تعرّض للدرس والحرق والمحاصرة في عهود عديدة، مثل مقتل الإمام الحسين (ع) لابي مخنف الذي رواه الطبري عنه، وغير ذلك من روايات العقيدة.

3_ رواية ابن عباس عن النبي (ص) يمكنها أن تكون أكثر قرباً من الروايات المعتبرة، لأن ابن عباس ذكر الكثير من روايات الفضائل في أهل البيت (ع) وغيرها، مما ثبت توافقه مع ما لدينا من روايات، مثل رواية (أنا مدينة الحكمة وعلي بابها..) فقد روتها بعض الكتب السنية مقطوعة (عن ابن عباس عن النبي)، وروتها بعض كتبهم مسندة، وقد ردّها بعض علمائهم لإرسالها، ومع ذلك هي متوافقة مع ما لدينا من روايات، بل أن الطائفة تروي بسند متصل للإمام الباقر (ع) نص الحديث.

ولو بحثنا في الأدعية المشتركة المروية بطرق مختلفة بين الفريقين لوجدنا الكثير منها، وقد قام مركز التحقيقات والدراسات العلمية بتأليف سلسلة الأحاديث المشتركة، تحت إشراف الشيخ محمد علي التسخيري، ومنها كتاب (الأدعية المأثورة المشتركة) تأليف علي رضا فراهاني، فإننا نجد فيه الدعاء الواحد مروياً عن طرق العامة بسند خاص بهم، أو مروياً مرسلاً، ونجده في الكافي مسنداً عن النبي (ص) وأهل البيت (ع).

4_ ليس عند القوم أدعية مسنونة للأيام والليالي، فأدعية الأيام الرمضانية التي نحن بصددها على خلاف ما يرون، وهذا أحد أسباب ردّها من بعض علمائهم، بل لم نجد لهم كتاباً معتبراً أو غير معتبر قد ذكر أدعية الأيام، ولو وجد في أحد مصادرهم، لأمكن أن نقول أن احتمال انتقاله من كتبنا القديمة إلى كتبهم أكبر من انتقاله إلى كتبنا من كتبهم، لما ذكرنا من تخصيص الدعاء بالأيام على خلاف ما يرون، ولما سوف تعرفه لاحقاً من خصوصيات الدعاء المتوافقة مع نهج أهل البيت (ع)، وهذا ما ذكره بعض علمائهم كما سترى.

5_ أما كون دعاء اليوم السابع والعشرين موضوعه ليلة القدر حيث جاء فيه: (اللهم ارزقني فيه فضل ليلة القدر، وصيّر أموري فيه من العسر إلى اليسر، واقبل معاذيري، وحطّ عنّي الذنب والوزر، يا رؤوفاً بعباده الصالحين). فقد قال المجلسي: (ذكر الكفعمي دعاء اليوم السابع والعشرين في اليوم التاسع والعشرين، ولا يبعد قراءته في اليوم الثالث والعشرين وفقاً لمذهب الشيعة فهو أنسب، واللّه أعلم)7.

"ولكن يبدو أنه لا مانع من أن يكون الدعاء لليوم السابع والعشرين، فهو ليس مصرّحاً بأن ما قبله كان ليلة القدر، وإنما هو دعاء لأن يرزقه الله فضل ليلة القدر"8، وهذا لا يؤثر على قبول الرواية، فالاختلافات في النسخ واحتمال التصرّف في الترتيب وارد.

المحور الثالث: في قرائن مقبولية الأدعية.

   نقدّم في هذا المحور أبعاداً موضوعية هي عبارة عن قرائن لقبول أدعية الأيام لشهر رمضان، لا القول بالصحة أو الاعتبار أو غير ذلك من الأوصاف الراجعة للسند، لأن الثابت الواضح أن هذه الأدعية رويت مرسلة، ولكن يمكن قبول المرسل إذا احتفت به القرائن التي تورث الوثوق والاطمئنان، وسوف نذكر جملة من القرائن الموضوعية التي ترفع درجة اعتبار أدعية الأيام، مما يجعل من المسلّم الأخذ بها من باب قاعدة (من بلغه شيء من الثواب)، بل يمكن الادعاء بعلوها على ذلك، وهي كالتالي:

1_ ذكرها ابن طاووس والكفعمي وهما من أكابر علماء الشيعة المتخصّصين في مجال الأدعية، مع وثاقتهما وعلو كعبيهما في هذا المجال، حيث أصبحت كتبهما من الكتب التي يُرجع إليها في مجالها، ولا داعي لذكر أقوال العلماء فيهما وفي مؤلفاتهما، لاشتهارها.

2_ السيد ابن طاووس عاش في القرن السابع الهجري، ولديه الكثير من الكتب من الأصول وغيرها، مما لم يصل إلينا، وكان ينهل منها، ويدوّن ما يراه صحيحاً أو معتبراً، "كان من فضل اللّه جلّ جلاله عليه أن قد هيّأ له من الكتب وغيرها من أسباب التصنيف ما لم يهيّئه لأحد في عصره وما بعده، حيث إنه جرى ملكه على ألف وخمسمائة مجلد من الكتب عند تأليفه لكتاب الإقبال‏ به في سنة 650 هـ. صرّح نفسه في كتاب كشف المحجة الّذي ألّفه لولده محمد سنة 649، أن خصوص كتب الدعاء الموجودة عنده أكثر من ستين مجلّداً وقال: «وهيّأ اللّه جلّ جلاله عندي مجلدات في الدعوات أكثر من ستّين مجلّداً، فاللّه اللّه في حفظها والحفظ من أدعيتها، فإنها من الذخائر التي تتنافس عليها العارفون في حياطتها، وما أعرف عند أحد مثل كثرتها و فائدتها»9، وقد ذكرنا منهجه في ذكر الروايات في كتبه، مما يبعث الاطمئنان على مكانتها.

3_ تعدد مصادر أدعية الأيام لشهر رمضان يرسم أمامنا أبعاداً جديدة في النظر لها، فهناك فرق بين أن يرويها كتاب واحد ويأخذ منه كل المتأخرين، وبين أن تكون الرواية متوافرة في عدة من الكتب، فإن السيد ابن طاووس لا شك نقلها من الكتب التي يملكها مع أنه لم ينسبها إلا أن كتبه كانت مرويات، ثم بعد قرنين من الزمان يأتي الكفعمي لينقلها في كتابيه منسوبة للنبي (ص)، وهذا يعني أنه نقلها من مصدر آخر، كما أن هناك اختلافات يسيرة في بعض الألفاظ كما هو حاصل في سائر الأدعية ذات المصادر المتعددة.

4_ تصريح الكفعمي باستحباب الدعاء بها في أيام شهر رمضان، مؤشّر على أنه أخذها من مصدر يمكن انطباق قاعدة (من بلغه) عليها، وهذا يعطي روايته للخبر مزيداً من العناية، كونه أفتى على أثره حكماً شرعياً، "سواء قلنا بأن الاستحباب للعمل ذاته، أو لداعي الامتثال، حسب اختلاف الأعلام في الجهة التي يتّصف بها الاستحباب"، فالنتيجة واحدة وهي الباعث الشرعي نحو القيام بذلك العمل.

5_ من القواعد المهمة في قبول الحديث هي العرض على الكتاب العزيز والثابت من السنة المطهرة، بل أن منهج الكثير من الأعلام كفاية عدم المعارض منهما، ولا يمكن أن نذكر في هذا المختصر موافقة الأدعية الثلاثين للكتاب والسنة، ولكننا من خلال شرحنا لهذه الأدعية في كتاب (القادم من العالم الآخر. بصائر موضوعية لحياتك من أدعية شهر رمضان اليومية)، أخذنا في اعتبارنا هذا البعد، الذي ثبت لنا بأن الأدعية ذات مضامين عالية منسجمة تمام الانسجام مع الكتاب والعترة. ويمكن مطالعة الكتاب لمن أراد التفصيل.

6_ إن مضامين أدعية الأيام لشهر رمضان منسجمة مع العقيدة الشيعية، ومتوافقة مع الأصول فيها، بل في خصوصياتها عن سائر الفرق، ومن ذلك، نجد المضامين التالية:

أ ـ تحتوي على الثبات على أسس العبادات.

ب ـ تحتوي على عقيدة التوسل بأهل البيت (ع).

ج ـ تحتوي على التوسل بأسماء الله الحسنى.

د ـ تحتوي على عقيدة التولي لأولياء الله والتبري من أعداء الله.

هـ ـ تشابه أدب الخطاب فيها، مع مشهورات الأدعية الواردة عن أهل البيت (ع)، ومضامينها.

وبسبب ذلك رفضها من لا ينتمي لمدرسة أهل البيت (ع)، حيث قال الشيخ عبد الرحمن السحيم (لعل هذه الأدعية مما أُخِذ من كُتُب الرافضة؛ لأن صيغة الصلاة المذكورة هنا من صِيَغ القوم!"10، وقال آخر: "إنه قد جاء في دعاء اليوم الأخير ما هو منكر، ومخالف للشرع، من التوسل في الدعاء بحق النبي صلى الله عليه وسلم، وحق آل بيته"11.

المضامين العالية

    وفي ختام المطاف إننا نرى أن أدعية الأيام لشهر رمضان، هي من الكنوز المخفية التي تنبّه لها مؤخراً عدد غير قليل من العلماء والمجتهدين، وأخذوا بالتوصية على مداومة قراءتها، وعمدوا إلى شرحها وتوضيح مضامينها، ولقد وفقنا الله تعالى في عام 1433 للهجرة، لكتابة كتاب يضم شرحاً موضوعياً تربوياً لأدعية شهر رمضان اليومية، وقد اتضح لنا أن مضامينها تحتاج إلى المزيد من السبر والشرح، ولقد اعتمدنا في شرحنا لها إضافة إلى الموائمة مع آيات القرآن الكريم والروايات الشريفة، منهجاً يعتمد مبدأ (التوسّل) الذي تتضمنه خواتيم الأدعية، حيث أننا وجدنا أن هناك رابطاً موضوعياً بالغ الدقة بين خواتيم الأدعية (التوسلات) وهي الغايات، وبين متن الدعاء من أوله وحتى وصوله إلى بداية الخواتيم، وعملنا على شرح المتن على أساس أنه مقدمات موضوعية مهمة للوصول إلى الغايات (وهي الخواتيم)، فابتدأنا في عملية الشرح، بمقدمة تبيّن أهمية الغاية، وتساؤل عن كيفية الوصول إليها، ثم نعود إلى بيان المقدّمات كإجابات وطريق إلى الوصول.

   فعلى سبيل المثال، في دعاء اليوم الثالث: (اللهم ارزقني فيه الذهن والتنبيه، وباعدني فيه من السفاهة والتمويه، واجعل لي نصيباً من كل خير تُنزله فيه، بجودك يا أجود الأجودين).

   إن ختام الدعاء التوسل بجود الله وهو الجواد الكريم على عباده، إلا أن الجود لا يحد بحد، فكيف يحصل المؤمن على الجود بسعة أكبر؟ فنعود للإجابة على هذا السؤال بتحليل مقدمات الدعاء، فنرى أننا ندعو الله أن يرزقنا أمرين، (الذهن والتنبيه) الفطنة والنباهة التي تعني أن يكون مستيقظاً وواقفاً على الشيء فلا يفوّت الفرص فيستثمر بذلك كل خير، والأمر الثاني تجنب ما يضرّ تلك النباهة، (وباعدني فيه من السفاهة والتمويه)، فإذا تحقق ذلك، يطلب الخير (واجعل لي نصيباً من كل خير تنزله فيه)، استعداداً لتلقّي رشحات الجود الإلهي.

   نسأل الله تعالى التوفيق والسداد لما فيه الخير والصلاح، بحق محمد وآله الطاهرين.

السيد محمود الموسوي

ـــــــــــــ

هوامش

1- الكافي، ج2، ص87

2- الإقبال بالأعمال الحسنة، مقدمة المحقق، ج1، ص18

3- فلاح السائل، السيد ابن طاووس، ص ١١

4- البلد الأمين والدرع الحصين، النص، ص: 220، والمصباح للكفعمي (جنة الأمان الواقية)، ص: 613

5- زاد المعاد، العلامة المجلسي، المقدمة، ص9.

6 - البلد الأمين والدرع الحصين، ص2.

7- زاد المعاد، العلامة المجلسي.

8 - القادم من العالم الآخر، للمؤلف.

9-الإقبال بالأعمال الحسنة (ط - الحديثة)، ج‏1، ص: 17

10-الفتاوى العامة، الشيخ عبد الرحمن السحيم، (1/ 132)

11- موقع الإسلام سؤال وجواب، (5/ 3469، بترقيم الشاملة آليا)

 

من مؤلفاتنا