كتاب: الإنتماء المقدّس.. الإمام الحسين الحداثة والقداسة

 المؤلف: السيد محمود الموسوي  16
 سعر الكتاب: مجاني
تاريخ النشر: 1432
 ملف الكتاب: pdfalentmaa.pdf
لمحة عن الكتاب :

هنالك ضرورة كبيرة تحتّم على الإنسان أن يقف وقفة صريحة مع عقله وقلبه فيما يختص بما يؤمن به، على الأخص فيما يتصل بشؤون الفكر والعقيدة، لأنها هي التي تحدد معالم الشخص الحقيقة، وهي التي تحدد مسار تفكيره، بل وتحدد الغاية النهائية لحياته.

وأكثر أعداء المصارحة هذه هي أن يتخطى المرء الكلام فيما هو أساس ومعتقد، وينشغل بالهامشيات على حسابها، أو يختبئ خلف الكلمات والعبارات بتنميقها والحشو المصطلحاتي فيها، لتكون الكلمات جسوراً للهروب من الحقائق، بدل أن تكون جسوراً نحو الحقيقة.

هذا الكتاب الذي بين يديك عزيزي القارئ يناقش فئتين من خلال الإيمان بالإمام الحسين (عليه السلام):

فئة تهرّبت من الإنتماء لأولياء الله من خلال التهرب من أصل الدين، وغض الطرف عن قيمه، والارتماء في أحضان الحداثة والعلمنة.

وفئة تهرّبت من الإنتماء للإمامة من خلال تفريغ محتواها، والاكتفاء بشعار الشكل والعنوان، عبر حمل شعار الحب والترضي على الشخصيات المتمثلة فيها.

فنحن نناقش ما هو متداول ومحسوس في الساحة الإسلامية بشكل عام فيما يرتبط بما ينبغي أن يؤديه الإنتماء للإمام الحسين (ع) بشكل صريح وقائم على الدليل والمنطق الذي تعتمده كل فئة من هذه الفئات.

فماهي الافرازات التي ينبغي أن تفرزها مقولات الحداثة بخصوص الإمام الحسين (ع)؟ أي كيف ينبغي أن ينظروا للإرتباط بالإمام وبنوعية ذلك الإرتباط من خلال بحث القيم الإنسانية التي يؤمن بها الإنسان والفكر الإنساني العام. والنقاش سيتم في أصل تحديد القيم ومنهجها ونقده وتقويمه. الأمر الذي يؤدي بنا إلى معرفة نوع الإيمان الذي ينبغي أن يكون لدى مدعي الحداثة والعلمنة ومن لفّ لفهما فيما يختص بالإمام الحسين (ع).

سوف نصارح الفكر الحداثي بما يمكن أن يصفه في أول وهله يسمع فيها اسم الإمام الحسين (ع) بالمذهبية والطائفية والانحباس في الماضي والتأطير والنمذجة والأدلجة وماشابهها من كلمات، التي يتخدونها مطايا للهروب من مصارحة أنفسهم، بشأن الإيمان، ولقد حصلت لنا بعض المحاورات التي أوقفْنا البعضَ فيها على هذه الأسس التي ينبغي أن تُناقش بكل وضوح لتتكون لديهم نتيجة علمية، إلا أن الهروب أو التعميم هو ديدنهم. بخلاف ما سار عليه مفكرو الغرب من بحث الأسئلة الملحة والاهتمام بها، كسؤال الإيمان ونوع الإيمان وأصل الخلق وغيره، مما يجعلنا نخرج بنتيجة عن هؤلاء المدّعين بأنهم ليسو سوى مقلدة وبغبغاوات، همّهم تكرار ما هو جاهز ومعلّب، من غير استيراد لأصل الحوار والأسئلة التي ينبغي أن يصدموا بها عقولهم قبل أن ينتقلوا إلى تبني هذا المسار الفكري أو ذاك.

الإجابة على هذه التساؤلات الصريحة هو مقصد هذا الكتاب في قسمه الأول، ونسأل الله أن يقدّم بعض ما يثير في نفوسهم وعقولهم همّ المصارحة والوقوف الجاد أمام نوع الإيمان الذي ينبغي أن ينتمون إليه.

وفي المقابل من ذلك، تشهد أمتنا الإسلامية في راهنها حراكاً يخص الانتماء العقيدي، ضمن دائرة التجاذبات الطائفية والاصطفافات التي شهدتها ساحتنا الإسلامية، وبعد أن كانت في بقع محدودة، أصبحت الآن ظاهرة عالمية اجتاحت كل الدول من دون استثناء، تداخل فيها ماهو سياسي، وماهو اقتصادي، وما هو اجتماعي، ليؤثر سلباً على واقع الأمة ووحدة صفها أمام الذين يتربصون بها العداء. والسبب في ذلك هو استخدام لغة الشتائم وعدم الانصاف وعدم الالتزام بأدب الحوار، وبسبب تدخل الارادات السياسية الكبرى، وضخ الأموال في سبيل إشعال نار الفتنة، وكذا خوفاً من الحقائق.

في خضم هذا الحراك، التفتت طائفة من الطوائف الإسلامية من غير المنتمين إلى مذهب أهل البيت (ع)، إلى عمق اقصائها لشخصيات أهل بيت النبي محمد (ص) في خطابها الديني، ولأن هنالك قدسية ومكانة خاصة لأهل البيت (ع) عند كافة المسلمين، وهي ثابتة في صحاحهم وكتبهم، إلا أن الخطاب الموجه للجمهور على مدى قرون من الزمن، وفي الخطاب الإعلامي، يكادان يخلوان حتى من ذكر أهل البيت (ع)، فضلاً عن مقاماتهم وفضائلهم، ومن باب أولى فإنهم عازفون عن البحث العقيدي فيما يختص بنوع الإيمان بهم (ع) وبما يستتبعه ذلك الإيمان من انتماء له قداسته الخاصّة.

هذه الإلتفاتة قادت بعض الشخصيات منهم إلى أن يسدوا الفجوة الملفتة والمستغربة والتي استمرت طوال القرون منذ العهود الأولى إلى الآن، ولكن هذه الفجوة إنما سدت بطريقة الاستجداء من خلال الصدى الذي تحدثه هذه الشخصيات، وبلمعان هذه الأسماء في سماء الإسلام، فيرفعون الصوت بحب الإمام الحسين (ع) وأهل البيت (ع)، ولكنهم يفرغون مسارها وجهادها ومحتواها منها، فتطرح شخصيات أهل البيت (ع) بطريقة مرسومة سلفاً ليقولوا للناس بأن هؤلاء أشخاص عاديون أو هم أشخاص صالحون فحسب، حالهم حال أي شخصية من الصالحين الذين مروا في التاريخ.

ونحن هنا إنما نسوق نهج المصارحة الفكرية بعيداً عن لغة الصراخ أو الشتائم، لنعرف كيف ينبغي أن ينظر أهل السنة إلى شخصية الإمام الحسين (ع)، وماهو نوع هذه النظرة، وما ينبغي أن تؤدي إليه، وفقاً لما جاء في الثوابت التي أجمع عليها المسلمون من النص القرآني، ومن السنّة التي اتفق عليها الفريقان، أي بالاعتماد على الأحاديث التي وردت في مصادرهم.

ومحصّلة القول إننا نصارح العقل بهذه الأسئلة:

أنت حداثي؟ إذاً ماهو نوع إيمانك بالإمام الحسين (ع)؟

أنت مسلم؟ إذاً ماهو نوع إيمانك بالإمام الحسين (ع)؟

ونسأل الله أن تكون هذه الحقائق على طاولة البحث الجاد عند كل طالب للحقيقة، ولو مع نفسه ليقف وقفة صريحة معها، ليصل إلى قناعات مبنية على الدليل والبرهان فيما يختص بالإنتماء المقدّس للإمام الحسين (ع).

وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح.

.

من مؤلفاتنا