التاريخ بشكل عام لم ينصف الشخصيات المبدئية، وذلك لأن مهمة كتابته كانت في أروقة أصحاب المصالح السياسية والدنيوية، إضافة إلى طغيان الروح الطائفية، هذا حال تاريخ الرجال الذين كان دورهم بارزاً مشهوداً، أما النساء اللاتي كن في الخفاء باعتبار أدوارهن في البيت وما يلازمه من الستر، فكان تاريخهن ممسوحاً من الكثير من كتب التاريخ، ولم تكن المرأة محوراً لسرد السيرة التاريخية.

مجمل ما يتوفر عن حياة اُمامة التي تزوجها الإمام علي (ع) بعد شهادة الزهراء (ع) بوصية منها:

1 – أنها ابنة أخت الزهراء (ع) زينب بنت رسول الله (ص)، وأبوها (أبو العاص بن الربيع)، وهو ابن هالة بنت خويلد أخت السيدة خديجة (ع). وقد أختلف بعض المتأخرين من الشيعة في نسبة زينب إلى رسول الله (ص)، فقال البعض أنها ربيبته مع أختيها، إلا أن الأقوى هو أنها بنت النبي (ص) وهو مشهور الشيعة منذ القدم، وعليه الأدلة النقلية، وهو ظاهر كلام الزهراء (ع)، أنها ابنة أختها، وغيرها من الروايات، وعلى ذلك فإن أُمامة حفيدة النبي (ص).

2 – كانت أُمامة متزوجة قبل الإمام علي (ع) من المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، ثم فارقها، وتزوجها الإمام علي (ع)، وبقيت عنده حتى شهادته (ع)، وهناك رواية عن الإمام الصادق (ع) أن الحسنين (عليهما السلام) كانا عندها ساعة الاحتضار، وقد أقرّاها على وصاياها بالإشارة. (في التهذيب، ج8، ص258، ح169).

3- نقل عن أبي جعفر الباقر (ع)، أن الزهراء (ع)، (أَوْصَتْهُ – أي الإمام علي - أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَامَةَ بِنْتَ‏ أَبِي‏ الْعَاصِ،‏ وَقَالَتْ: بِنْتَ أُخْتِي وَتَحَنَّنُ عَلَى‏وُلْدِي‏). البحار، ج43، ص218.

وهذا يعني أن دروها الأهم كان لرعاية الفترة الحسّاسة بعد شهادة الزهراء (ع)، لإشاعة الحنان الذي يحتاجه كل بيت، ولكي لا ينقص البيت العلوي من أي أساس من أسس تكامله، فيفوّت بذلك على أعدائهم من النيل والتقليل من شأنه بحسب ظاهر نظر عامة الناس، وإلا فإن مَن في البيت هم أغصان النبوة ومعدن الإمامة.

4- أنجبت أمامة من الإمام علي (ع) إبناً ذكراً، اسمه محمد الأوسط.

5- في الكافي رواية واحدة عنها، ترويها عنها فاطمة بنت علي (ع). ج6، ص369، ح1.

وقد قال الأربلي في كشف الغمة، عن الإمام علي (ع): (وَكَانَ يَوْمَ قَتْلِهِ (ع) عِنْدَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ فِي نِكَاحٍ، وَهُنَّ أُمَامَةُ بِنْتُ‏ أَبِي‏ الْعَاصِ،‏ وَهِيَ بِنْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَوْتِ خَالَتِهَا الْبَتُولِ فَاطِمَةَ (ع).ج1، ص332.

السيد محمود الموسوي

من مؤلفاتنا