الإجابة
بخصوص دعاء الجوشن وما فيه من ألفاظ .. أقول إن دعاء الجوشن من الأدعية المأثورة عن أهل البيت (ع) وهو دعاء عظيم، كما يستحب أن يكتب على كفن الميت ليكون له رحمة وسعة في قبره..
وأما عبارة (ياضار يانافع) فإن هذين الإسمين من أسماء الله الحسنى التي طلب الله أن ندعوه بها ، والمعنى من (الضار) أن الله بيده تقدير كل ما يقع على الإنسان من الضر والنفع، وهو تعالى خالق ما يضر وما ينفع، وعندما ندعو الله بهذا الإسم فإننا نؤكّد على حقيقة أن الله بيده مقاليد السماوات والأرض وبيده كل ما ينفع وما يضر، لذلك نجأر إليه ونلجأ إلى رحمته تعالى..
يقول أمير المؤمنين (ع): (لايجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الضار النافع هو الله عز وجل).
وقد قال تعالى في هذا المعنى: (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَاءَ اللهُ) الأعراف 188.
ولكن الله ليس ضارّا بالمعنى الذي ننسبه إلى البشر عندما يسيئون التصرف أو يفسدون في الأرض، وإنما الضر الذي يكون ابتلاء للإنسان بهدف التمحيص والإمتحان، لينال بعد ذلك على صبره رفيع الدرجات.. فهذا الضر هو النفع بعينه لأنه يؤهل الإنسان للمراتب الرفيعة.. ولذلك نجد الإقتران دائماً بين اسمي (الضار النافع) فهو ضار نافع بضّره لعباده.
فسبحانه وتعالى، نسأله أن يكشف عنّا الضر ويوفينا أجور الصابرين..
وأما ما ينسب للإنسان من السوء في القرآن الكريم مثل قوله تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى : 30].
فهذا على نحو السبب، فإن أعمال الإنسان تؤثر عليه، ومع ذلك فإن الله يعفو عن كثير، ولا يوقع جميع نتائج أفعالنا علينا وإنما يمسكها برحمته.. فهو مقدّر كل شيء وعالم به كما قال عز وجل أيضاً:
(مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) [الحديد : 22]
والحاصل أن الله قدّر مجموعة ابتلاءات للإنسان، هي في الحقيقة في صالحه لأنها ابتلاء وامتحان، ويجزى عليها في الآخرة خير الجزاء، ومن جهة أخرى قدّر الله للإنسان مجموعة ابتلاءات تقع بسوء تصرّف الإنسان، كنتيجة لأفعاله، ويمكنه أن يتعداها بأعمال الخير، فالدعاء يغير الحال، والصدقة تدفع البلاء..
والله ولي العلم والتوفيق.
مقالات ذات صلة:
أحدث المقالات - من جميع الأقسام:
- هل يُكره الإقامة في كربلاء أكثر من ثلاثة أيام؟ - 2023/08/23
- هل أن دعاء التوسل بالسيدة فاطمة والسر المستودع فيها، وارد عن أهل البيت؟ - 2022/09/13
- هل قصة الأسد الذي حمى جسد الإمام الحسين (ع) واردة عن إمام؟ وهل تعارض رضّ الجسد الطاهر؟ - 2022/08/12
- هل كان زهير ابن القين عثمانياً؟ - 2022/08/11
- ما صحّت ما يقال أن الحسين صار كهيئة المحتضر عند وداع ولده علي الأكبر، وغارت عيناه في أم رأسه وأغمي عليه؟ - 2022/08/08
مقالات متفرقة:
المقالات الأكثر قراءة:
- ما معنى جوامع الكلم؟ - 2010/09/20 - قرأ 47466 مرُة
- معجم المؤلفين البحرينيين يترجم للسيد الموسوي - 2015/05/28 - قرأ 35690 مرُة
- هل في المرض أجر؟ وما صحة قولنا للمريض: أجر وعافية؟ - 2015/05/20 - قرأ 30259 مرُة
- لماذا نسجد على التربة الحسينية؟ - 2010/08/10 - قرأ 29516 مرُة
- مالذي يقصده الإمام الحسين من قوله: (لم أخرج أشراً ولا بطراً..) وهل لها انعكاس على الواقع الشخصي؟ - 2016/10/08 - قرأ 25949 مرُة
- بحث فقهي معاصر في حق الزوجة في المعاشرة - 2011/03/30 - قرأ 20080 مرُة
- السيرة الذاتية - 2010/08/08 - قرأ 18579 مرُة
- ماهو واجبنا تجاه الامام المنتظر والاستعداد للظهور؟ - 2010/08/30 - قرأ 18037 مرُة
- من أقوال الإمام الحسن العسكري (ع) - 2016/01/19 - قرأ 15359 مرُة
- سورة الفيل وقريش - 2010/08/11 - قرأ 15191 مرُة