الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إن للدعاء أساليب وفنون، وهي تعتمد على معرفة الأدب الرباني في مخاطبة الله تعالى، وتعتمد على مدى تربية الإنسان ومدى عروجه الروحي في مخاطبة الله.

فقد جاء في الحديث عن ضرورة التعميم في الدعاء، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا دعا أحدكم فليعمّ فإنه أوجب للدعاءوهذا له مدخلية في تربية الإنسان وتهذيب نيته لتتسع لهموم الآخرين والإحساس بهم، واستعطاف الله من خلال خطاب المجموع، وابتعاداً عن حسّ الأنا الضيقة، لذلك سيكون للدعاء أثراً من هذه الجهات التربوية التي تساعد الداعي للعروج إلى ملامسة الرحمة الإلهية.

وفي جانب آخر جاءت الأدعية الكثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) بصيغة المتكلم الفرد، وقد قال بعض العلماء أنه ينبغي قصد المجموع في الدعاء بصيغة المفرد، وكأنه يتكلم نيابة عن المجموع، وذلك اعتماداً على الرواية السابقة الذكر، ولتحقيق الأثر التربوي لدى الداعي مما يوجب وصول الدعاء وقبوله وأثره بشكل أسرع.

وإن كانت هذه الملاحظة مفيدة، إلا أننا نرى أن هنالك تعدداً في طرق الدعاء وكل طريقة تؤدي دوراً ولها أثراً اعتماداً على تعدد الآثار التربوية لدى الإنسان.

وعلى سبيل المثال فإن الروايات التي دعت إلى اجتماع الناس في الدعاء لقبول الدعاء، كذلك دعت روايات أخرى إلى الدعاء في الخلاء وفي جوف الليل والناس نيام، فكل أسلوب له أثره.

 وهكذا فإن الأدعية الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، كثير منها جاء بصيغة المتكلم الفرد، كي يخصّص الإنسان نفسه ويتوجه لنواقصه الذاتية والعارضة عليه، ويتمكن من تشخيصها والتوجه إلى الله تعالى بإصلاحها، وبهذا الطريق يعرج الداعي بروحه أيضاً إلى ملامسة الرحمة الإلهية لتفاعله الذاتي مع مضامين الدعاء ولاندماجه وإلحاحه لتحقق مطالبه الدنيوية والأخروية، حيث أن أزمّة الأمور كلها بيد الله تعالى، ويريد الله أن يرى من العبد الصدق في التوجّه والندم في التوبة، والإلحاح في الطلب.

وهكذا نرى أن من أساليب الدعاء أن يذكر الإنسان حاجته بعينها ويلحّ على طلبها.

لذا فينبغي على الإنسان أن يسعى للتعدّد في أساليب الدعاء، فتارة يعمّ في دعائه، وتارة يتوجه لنواقصه الذاتية بالخطاب الخاص.

أما ما جاء من نصوص ورادة عن أهل البيت (ع) فلا بد أن نقرأها بصيغها كما هي، لأنهم (عليهم السلام) أعلم بأسرار الخطاب الرباني.

محمود الموسوي

www.mosawy.com

من مؤلفاتنا